ليس إلّا لأجل
الخوف من الوقوع فيه ، ولا يترتب على مخالفته سوى الوقوع في المفسدة الذاتيّة على
تقدير الثبوت ، ولا يكفى هذا الحكم في إثبات العقاب من المولى ، لأن عقاب المولى
لا يصح إلّا مع المخالفة ، ولا تتصور هنا مخالفة ، إلا على تقدير الالتزام بأن
إلقاء النّفس في المفسدة المحتملة من الأفعال القبيحة عند العقل على أي حال ، سواء
كان في الواقع مفسدة أم لا ، حتى يستكشف بقاعدة الملازمة تعلق نهى الشارع بهذا
العنوان ، ويصير إتيانه مخالفة للنهي. وليس الأمر كذلك ، للزوم أن يكون محتمل
المفسدة مقطوع المفسدة عند العقل. وهذا واضح البطلان.
والحاصل أنه ليس
في المقام الا إرشاد العقل بالتجنب عن المفسدة المحتملة ، ولا يترتب عليه الا نفس
تلك المفسدة على تقدير الثبوت.
وقد يجاب أيضا بان
الشبهة في المفسدة من الشبهات الموضوعية
______________________________________________________
نعم لو كان الضرر
الأخروي المحتمل هو المفاسد اللازمة للأشياء في الآخرة ، من دون توقف على البيان
كالذاتيات ، فالعقاب وإن كان معلوم العدم ، لكن نفس ذلك الاحتمال يصلح لردع المكلف
عن مخالفة ظنه ، لأنه كاحتمال العقاب في عدم ارتياح المكلف معه ، فاللازم على
القائل بالبراءة بيان ما يريح المكلف من هذا الاحتمال.
والّذي يمكن أن
يقال : ان هذه المفسدة ـ لما كانت مغفولا عنها عند العامة ، بحيث لا يتحقق
احتمالها الا لنادر ـ لو كانت ملازمة لذوات الواجبات والمحرمات من دون توقف على
البيان ، كان اللازم على الحكيم العالم بذلك إلزام العباد بالتجنب عنها ، ولو
بعنوان آخر ، مثل عنوان مشكوك التكليف بإيجاب الاحتياط ، فلو تمت أدلة الاحتياط ،
فبها ، وإلّا ، نكشف من عدم وجوب الاحتياط عدم مفسدة ذاتية لترك الواجبات ، أو فعل
المحرمات الواقعية وأنها غير متوقفة على البيان.