وهو المراد من قولهم : (ملاحظته على نحو بشرط لا) فإذا لوحظ على النحو الأول ، يكون عين المحل ، لأنه من كيفيات وجود المحل وأطواره ، وليس وجودا مستقلا في قباله وإذا لوحظ على النحو الثاني ، فهو وجود مستقل في قبال المحل. وعلى النحو الأول يصح أن يقال باتحاده مع المحل ، وهو مفاد هيئة المشتق ، كضارب وقاتل وقاعد وأمثالها مما يحمل على الذوات. وعلى النحو الثاني هو مفاد الألفاظ الدالة على المواد كضرب وقعود ونحوهما. ونظير ما ذكرنا هنا من الاعتبارين ذكروا في اجزاء المركب من انها ـ بملاحظتها لا بشرط ـ عين الكل ، وبملاحظتها بشرط لا غيره ومقدمة لوجوده.
والإنصاف أن الاتحاد المستفاد من هيئة المشتقات مع الذوات غير الاتحاد الملحوظ في العرض ، باعتبار قيامه بالمحل ، فان معنى اتحاد العرض مع المحل عدم كونه محدودا بحد مستقل ، لأنه متحد بحيث لم يكن له ميز بنحو من الأنحاء ، كيف وقد يشار إلى العرض في حال قيامه بالمحل في الخارج ، ويحكم عليه بحكم يخصه ولا يعم المحل (٥٧) كقولك
______________________________________________________
الكل ، ومع ذلك تمتاز حقيقة العرض عن المعروض وحقيقة الجزء عن الكل ، بحيث يمكن أن يشار إلى حقيقة العرض ، ويقال انها غير المعروض ، وإلى حقيقة الجزء ويقال انها غير الكل ، ويحمل عليهما غير ما يحمل على المعروض ومع العلم بالحقيقة. وبالاختلاف الواقعي لا يجوز الحمل والكل ، وبالعكس ، وهذا بخلاف المشتق ، فان المستفاد منه ما لا ميز له مع الذات واقعا ويحمل عليه ما يحمل على الذات وبالعكس ، ويحمل على الذات بنحو الاتحاد والهوهوية ولذا قال ـ دام ظله ـ «والإنصاف ان الاتحاد المستفاد من هيئة ...».
(٥٧) المقصود : ان العرض بوصف اتحاده مع المعروض في الوجود وفي هذا اللحاظ يحمل عليه غير ما يحمل على المعروض ، فلا يقاس بالكلية والجزئية العارضتان على الإنسان وزيد ، مع صحة الحمل فيهما كي يقال : مجرد اختلاف المحمول لا يدل على