.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه أولا : ان
ذلك كرّ على ما فر ، لأن التصور لو لم يجعل بحياله واستقلاله مستعملا فيه لم ير
اللافظ حين تصوره الا اللفظ ، وهو مع قطع النّظر عن الإفناء لا تعدد فيه ولو
اعتبارا.
وثانيا : ان دلالة
اللفظ الصادر عن اختيار على تصور لافظه ليس من دلالة الألفاظ ، بل يحسب من الدلالة
العقلية ، وليس هذا إلّا كإيجاد الدخان لإفهام الغير بوجود النار ، وإعلاء الصوت
للاعلام بوجود صاحبه ، ومعلوم أن مثل ذلك لا يعد استعمالا للفظ في المعنى.
وربما يقال بكفاية
التعدد الاعتباري ، مثل اعتبار الإيجاد والوجود ، بأن يجعل الحاكي حيثية كونه
إيجادا والمحكي حيثية كونه وجودا.
وفيه أولا : ان
ذلك التعدد يطرأ بعد الإيجاد وهو الاستعمال ، ولا بد في الاستعمال من التعدد مع
قطع النّظر عنه كما مرّ نظيره.
وثانيا : ان
الإيجاد لو لوحظ مستقلا في قبال الوجود (بأن يرى كلّ منهما شيئا) خرج أيضا عن
استعمال اللفظ في شخصه ، ولو الغى التعدد الاعتباري لم يبق دال ولا مدلول في البين
، لأن اللفظ مع قطع النّظر عن الاعتبار ليس إلّا نفسه.
وثالثا : ان
الإيجاد لو دلّ على الوجود لم تكن دلالته من دلالة الألفاظ بل من الدلالة العقلية
، وهي دلالة كل فعل على نتيجته ، كدلالة القيام المصدري على اسم المصدر.
هذا كلّه مع قطع
النّظر عن أن لحاظ الشيء للإيجاد غير لحاظه للاستعمال ، لأن الثاني هو لحاظ الشيء
المفروغ عن إيجاده للإخطار عند المخاطب ، وأما أن المتكلم لما كان قاطعا بالوجود
يمكن لحاظه الفراغي للشيء قبل وجوده ، كالقضايا الحقيقية ، فانها حكم على الموضوع
قبل وجوده لكن على تقدير الوجود ، فلا يغني في دفع الإشكال ، لأن القاطع المفروض
لو نظر إليه نظر الفراغي لا يمكن ان يكون بصدد الإيجاد في هذا النّظر ، وإلّا فلا
يمكن ان يكون بصدد الإحضار.
والحاصل : ان
الإحضار يتوقّف على الفراغ من الوجود ، والإيجاد على عدمه ،