النفي واردا عليه. ولكن هذا خلاف ظاهر القضية ، فان الظاهر أن مفهوم لفظ الرّجل بنفسه مورد للنفي.
______________________________________________________
المقيد أو المهمل الّذي يصدق بنفي فرد ، فلا بد ـ في إثبات نفي تمام الافراد ـ من إثبات الإطلاق بمقدمات الحكمة. لكن الظاهر أن الأمر ليس كذلك ، بل المفهوم إذا لوحظ ولم يلحظ معه قيد من القيود ، فلا يصح الحكم بانعدامه ، إلا مع انعدام جميع الافراد. نعم يصح الحكم بوجوده من دون تقييد ، بمجرد وجود فرد من افراده ، وهذا مراد القائل بأن المهملة في قوة الجزئية ، بمعنى أن الطبيعة إذا أخذت بلا قيد ، وأخبر عنها بحكم وجودي ، يكفي في صحة الإسناد المذكور اتصاف جزئي من جزئياتها ، ولذا لا يكون دليل ذلك دليلا على الزائد على الحكم الجزئي وليس المقصود من ذلك الأحكام العدمية.
لا يقال : هذا لو أسند النفي إلى الجامع بين المطلق والمقيد ، لكن الفرض أنه لم يوجد حتى في الذهن كذلك ، حتى يصح الإسناد إليه ، بل الموجود في الذهن أبدا إما مطلق وإما مقيد. وتعيين أحدهما ليس إلّا بمقدمات الحكمة.
لأنه يقال : وان لم يوجد الجامع في الذهن مستقلا بوصف الجامعية ، لكنّ المفهوم إذا وجد في الذهن ولم يلحظ معه شيء حتى صفة الإطلاق ، ثم جعل كذلك موضوعا للحكم ، فتشخّص وجوده الذهني خارج عن الموضوع. وقد قلنا إن إسناد العدم كذلك إلى الطبيعة لا يصح إلا مع عدم جميع أفرادها ، فذلك قرينة عقلية ودليل قطعي ، من دون حاجة إلى المقدمات. وأما أنه لم يلحظ مع المفهوم شيء ، فلأنه منفي بالأصول المعتبرة ، كأصالة عدم التقدير وعدم القرينة ، وأصالة ظهور القضية في أن الإسناد إلى المفهوم إسناد إلى من هو له ، وبنفسه موضوع أولا وبالذات لا ثانيا وبالعرض ، كما مرّ شرحه في طرف الإثبات. وهذا هو الفارق بين النكرة في سياق النفي والإثبات ، فان اسناد النفي إلى الرّجل من دون قيد ، لا يصح إلّا مع نفي جميع الافراد ، بخلاف الإثبات ، وهكذا الكلام بالنسبة إلى الحالات ، بمعنى أنه لا يصح نفي صفة عن شيء بلا تقيده بحالة خاصة ، إلّا إذا لم يتصف بها في حالة من الحالات ، بخلاف إثباتها له ، لأنه يصح اسناد الاتصاف إليه باتصافه في بعض الأحوال.