التي لا وجود لها في الخارج.
وان كان محل النزاع هو مدخول حتى وإلى وان لم يكن غاية حقيقة ، فانه قد يكون شيئا له اجزاء متصلة ، كالكوفة ، في قولنا سر من البصرة إلى الكوفة ، والليل في قولنا صم من الفجر إلى الليل.
فالحق التفصيل بين كون الغاية قيدا للفعل ، كالمثال الأول ، وبين كونها غاية للحكم كالمثال الثاني ، ففي الأول داخلة في المغيا ، فان الظاهر من المثال المذكور دخول جزء من السير المختص بالكوفة في المطلوب ، كما أن الظاهر منه دخول السير المختص بالبصرة أيضا في المطلوب. وفي الثاني خارجة عنه ، فان المفروض انها موجبة لرفع الحكم ، فلا يمكن بعثه إلى الفعل المختص بها ، كما لا يخفى.
ومن جملة ما يستفاد منه الحصر الجملة الملحوقة بأداة الاستثناء ، ولا شبهة في أنها تدل على اختصاص الحكم بالمستثنى منه ، وثبوت نقيضه للمستثنى. ولذا يكون الاستثناء من الإثبات نفيا ، ومن النفي إثباتا. وذلك للانسباق والتبادر القطعي.
ونسب الخلاف إلى أبي حنيفة ولعله يدعى أن الاستثناء لا يدل إلا على أن المستثنى لا يكون مشمولا للحكم المنشأ في القضية. وأما ثبوت نقيضه له في الواقع ، فلا.
ويقرب هذا المدعى القول بأن الإسناد إنما يكون بعد الإخراج (٢٠٨) ، إذ على هذا حاله حال التقييد. وقد عرفت أن التقييد
______________________________________________________
(٢٠٨) لا يخفى أن التقريب المذكور يؤيد المفهوم ، لأنه على ذلك يصير نظير مفهوم الغاية ، إذا كانت غاية للحكم ، لأن الموضوع بالفرض لا ضيق فيه ، وإنما أخرجه عن سنخ الحكم ، ولازم ذلك القول بالمفهوم ، نعم لو كان الموضوع مقيدا فالأمر كما ذكر ، فافهم.