والهدف هو التلاوة بتفكر ... التفكر الباعث على العمل.
وقد اشتق اسم هذه السورة ، أي (الذاريات) من الآية الاولى فيها.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً (١) فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً (٢) فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً (٤) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ) (٦)
قسماً بالأعاصير والسُحُب الذاريات : هذه السورة هي الثانية بعد سورة «الصافات» التي تبدأ بالقَسم المتكرر ، القسم العميق والباعث على التفكر.
والطريف في الأمر أنّ هذا القَسم يرتبط محتواه بمحتوى يوم القيامة والنشور.
والحقيقة أنّ كل قسم في القرآن هو بنفسه ـ وإن كثرت الأقسام ـ أو الأيمان ـ وجه من وجوه إعجاز القرآن هذا الكتاب السماوي ، وهو من أجمل جوانبه وأبهاها وسيأتي تفصيل كل ذلك في موقعه.
وفي مستهلّ السورة يقسم الله سبحانه بخمسة أشياء مختلفة ، فيقول الله في البداية : (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) (١). أي قسماً بالرياح التي تحمل السحب في السماء وتذرو البذور على الأرض في كل مكان ...
ثم يضيف : (فَالْحَامِلتِ وِقْرًا). قسماً بالسحب التي تحمل أمطاراً ثقيلة معها ..
(فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا). و «الجاريات» : هنا هي السفن. أي : قسماً بالسفن التي تجري في الأنهار العظيمة والبحار الشاسعة بيسر وسهولة ..
(فَالْمُقَسّمَاتِ أَمْرًا). و «المقسّمات» : هنا معناها الملائكة الذين يقسّمون الامور.
فهناك تفسير آخر يمكن ضمّها إلى هذا التفسير ، وهو أنّ المراد ب «الجاريات» هي الأنهار التي تجري بماء المزن ؛ و «المقسّمات» أمراً هي الأرزاق التي تقسّم بواسطة الملائكة عن طريق الزراعة.
وعلى هذا فإنّ الكلام عن الرياح ثم الغيوم وبعدها الأنهار وأخيراً نمو النباتات في الأرض يتناسب تناسباً قريباً مع مسألة المعاد ، لأنّنا نعرف أنّ واحداً من أدلة إمكان المعاد هو إحياء الأرض الميتة بنزول الغيث وقد ذكر ذلك عدة مرات في القرآن بأساليب مختلفة.
__________________
(١) «الذّاريات» : جمع «الذّارية» ، ومعناها الريح التي تحمل معها الأشياء وتنشرها في الفضاء.