خلال موسم الحج من المدينة إلى مكة وبايعوا النبي صلىاللهعليهوآله في العقبة ، وكان تعاملهم في قضية البيعة يوحي بأنّها
أمر معروف ، وبعدها وخلال فرص ومناسبات متعددة جدّد النبي البيعة مع المسلمين ،
وكانت إحداها هذه البيعة التي عرفت ببيعة الرضوان في الحديبية ، وأوسع منها البيعة
التي كانت عند فتح مكة ، وسيأتي شرحها في تفسير «سورة الممتحنة» بإذن الله.
ولكن كيف تتم
البيعة؟! .. بصورة عامة تتمّ البيعة كما يلي :
يمدّ المبايع
يده إلى يد المبايَع ويبدي الطاعة والوفاء بلسان الحال أو المقال .. وربّما ذكر
شروطاً أو حدوداً لبيعته كأن يعقد البيعة على بذل ماله! أو بذل روحه أو بذل جميع
الأشياء حتى الولد والمرأة.
وكان النبي
الكريم يقبل بيعة النساء أيضاً لكن لا على أن يمددن أيديهنّ إلى يده الكريمة بل
كان يأمر بإناء كبير فيه ماء فيدخل يده في طرف منه وتدخل يدها في طرف آخر.
(وَعَدَكُمُ اللهُ
مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ
النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرَى
لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللهُ بِهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيراً) (٢١)
من
بركات صلح الحديبية مرّةً اخرى : تتحدث هاتان الآيتان ـ كالآيات السابقة المتعلّقة بصلح
الحديبية والوقائع التالية لها ـ عن البركات وما حصل عليه المسلمون من غنائم في
هذا الطريق. فتقول الآية الاولى منهما : (وَعَدَكُمُ اللهُ
مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ).
ويدلّ لحن
الآية أنّ المراد من المغانم الكثيرة هنا جميع المغانم التي جعلها الله للمسلمين
سواءً في أمد قصير أم بعيد.
ثم يشير القرآن
إلى لطف آخر من ألطاف الله على المسلمين ـ في هذه الحادثة ـ فيقول : (وَكَفَّ أَيْدِىَ النَّاسِ عَنكُمْ).
وهذا لطف كبير
أن يكون المسلمون على قلة العَدد والعُدد وفي نقطة نائية عن الوطن وفي مقربة من
العدو ـ في مأمن منه وأن يلقي الله رعباً ووحشة منهم في قلوب الأعداء بحيث يخشون
التحرش بهم.