إنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال للناس : «انزلوا». فقالوا : ما بالوادي ماء ينزل عليه. فأخرج سهماً من كنانته فأعطاه رجلاً من أصحابه فنزل في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه فجاش الماء بالريّ حتى ضرب الناس بعطن ..
وبدأ التزاور بين سفراء النبي صلىاللهعليهوآله وممثليه وسفراء قريش وممثليها لتحلّ المشكلة على أي نحو كان وأخيراً جاء عروة بن مسعود الثقفي الذي كان رجلاً حازماً عند النبي فقال النبي : «إنّا لم نأت لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين ...» فرجع عروة إلى أصحابه وقال : أيّ قوم قد وفدت على كسرى وقيصر والنجاشي فوالله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمّد محمّداً ، وحدّثهم ما رأى وما قال النبي صلىاللهعليهوآله ...
فدعا رسول الله عمر ليرسله إلى مكة ، فقال : ليس بمكة من بني عدي من يمنعني وقد علمت قريش عداوتي لها وغلظتي عليها وأخافها على نفسي فأرسل عثمان فهو أعزّ بها مني فدعا عثمان فأرسله ليبلغ عنه فانطلق فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فأجاره فأتى أبا سفيان ، وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا لعثمان حين فرغ من أداء الرسالة : إن شئت أن تطوف بالبيت فطُف به فقال : ما كنت لأفعل حتى يطوف به النبي صلىاللهعليهوآله فاحتبسته قريش عندها فبلغ النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قد قتل. فقال : «لا نبرح حتى نناجز القوم» ، ثم دعا الناس إلى البيعة فبايعوه تحت الشجرة .. ثم أتى الخبر أنّ عثمان لم يقتل.
ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو إلى النبي صلىاللهعليهوآله ليصالحه على أن يرجع عنهم عامه ذلك ، فأقبل سهيل بن عمرو إلى النبي صلىاللهعليهوآله وأطال معه الكلام وتراجعا ، ثم جرى بينهم الصلح ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّ بن أبي طالب فقال : «اكتب بسم الله الرّحمن الرّحيم». فقال سهيل : لا نعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم. فكتبها ، ثم قال : «اكتب هذا ما صالح عليه محمّد رسول الله سهيل بن عمرو» ، فقال سهيل : لو نعلم أنّك رسول الله لم نقاتلك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فقال لعلي : «امح رسول الله». فقال : لا أمحوك أبداً. فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوآله وليس يحسن أن يكتب فكتب موضع رسول الله محمّد بن عبد الله ، وقال لعلي لتبلين بمثلها ، اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن الناس ، وإنّه من أتى منهم رسول الله بغير إذن وليّه رده إليهم ، ومن جاء قريشاً ممن مع رسول الله لم يردّوه عليه ومن أحب أن يدخل في عهد رسول الله دخل ومن أحب أن يدخل في عهد قريش دخل ، فدخلت خزاعة في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ودخلت بنو بكر في عهد قريش ، وأن يرجع رسول الله صلىاللهعليهوآله عنهم عامه ذلك فإذا كان