قائمة الکتاب
33 ـ سورة الأحزاب
٣٣
إعدادات
مختصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل [ ج ٤ ]
مختصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل [ ج ٤ ]
المؤلف :آية الله ناصر مكارم الشيرازي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
الصفحات :592
تحمیل
شرط الإمامة ، الصبر والإيمان : تشير الآيات مورد البحث إشارة قصيرة إلى قصة «موسى عليهالسلام» وبني إسرائيل لتسلّي نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآله والمؤمنين الأوائل وتطيّب خواطرهم ، وتدعوهم إلى الصبر والتحمّل والثبات أمام تكذيب وإنكار المشركين التي اشير إليها في الآيات السابقة. تقول الآية أوّلاً : (وَلَقَدْءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتبَ فَلَا تَكُن فِى مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ). أي : فلا تشكّ أو تتردّد في أنّ «موسى» قد تلقّى آيات الله ، وقد جعلنا كتاب موسى «التوراة» وسيلة لهداية بني إسرائيل (وَجَعَلْنهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ).
ثم تشير الآية التالية إلى الأوسمة والمفاخر التي حصل عليها بنو إسرائيل في ظلّ الإستقامة والإيمان لتكون درساً للآخرين ، فتقول : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بَايَاتِنَا يُوقِنُونَ).
لقد ذكرت الآية هنا شرطين للإمامة : أحدهما : الإيمان واليقين بآيات الله عزوجل ؛ والثاني : الصبر والإستقامة والصمود.
ولمّا كان بنو إسرائيل ـ كسائر الامم ـ قد اختلفوا بعد هؤلاء الأئمّة الحقيقيين ، وسلكوا مسالك مختلفة ، فإنّ الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث تقول بلحن التهديد : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيمَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
أجل ... إنّ مصدر ومنبع الاختلاف دائماً هو مزج الحق بالأهواء والميول ، ولما كانت القيامة يوماً لا معنى فيه للأهواء والميول ، حيث تمحى ويتجلّى الحق بأجلى صوره ، فهناك ينهي الله سبحانه الاختلافات بأمره ، وهذه أيضاً إحدى فلسفات المعاد.
(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) (٣٠)
يوم إنتصارنا : كانت الآيات السابقة ممزوجة بتهديد المجرمين من الكفار ، وتقول الآية الاولى من الآيات مورد البحث إكمالاً لهذا التهديد : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ