«يستعتبون» : مأخوذة في الأصل من «العتاب» وتعني إظهار الخشونة ، ومفهوم ذلك أنّ الشخص المذنب سيستسلم للوم صاحب الحق كي يعفو عنه ويرضى عنه ، لذلك فإنّ كلمة (استعتاب) تعني الإسترضاء وطلب العفو.
ثم تشير الآية الثانية إلى العذاب الدنيوي لهؤلاء فتقول : (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ). حيث قام هؤلاء الجلساء بتصوير المساويء لهم حسنات.
«قيضنا» : من «قيض» على وزن (فيض) وتعني في الأصل قشرة البيضة الخارجية ، ثم قيلت لوصف الأشخاص الذين يسيطرون على الإنسان بشكل كامل ، كسيطرة القشرة على البيضة.
وهذه إشارة إلى أنّ أصدقاء السوء والرفاق الفاسدين يحيطون بهم من كل مكان ، حيث يصادرون أفكارهم ، ويهيمنون عليهم بحيث يفقدون معه قابلية الإدراك والإحساس المستقل ، وعندها ستكون الامور القبيحة السيئة جميلة حسنة في نظرهم.
لقد ورد هذا المعنى بشكلٍ أوضح في الآيتين (٣٦ و ٣٧) من سورة الزخرف في قوله تعالى : (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ).
وبسبب هذا الوضع تضيف الآية بأنّ الأمر الالهي صدر بعذابهم وأنّ مصيرهم هو مصير الامم السالفة : (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مّنَ الْجِنّ وَالْإِنسِ).
ثم تنتهي الآية بقوله تعالى : (إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ).
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧) ذلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (٢٨) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) (٢٩)
الضجيج في مقابل صوت القرآن : بعد أن تحدّثت الآيات السابقة عن الأقوام الماضين كقوم عاد وثمود ، وتحدّثت عن جلساء السوء وقرناء الشر ، تتحدث المجموعة التي بين أيدينا