ونحن قد قطعنا على أنفسنا أن نملأ جهنم منهم.
ولذلك تقول الآية التالية : إنّا سنقول لأصحاب النار (فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
مرّة اخرى يستفاد من هذه الآية أنّ نسيان محكمة القيامة العادلة هو الأساس لكل تعاسة وشقاء للإنسان ، لأنّه سيرى نفسه في هذه الصورة حرّاً إزاء ارتكاب القبائح والظلم والعدوان.
وكذلك يستفاد من الآية بوضوح أنّ العقاب الأبدي للفرد معلول لما إرتكبه من أعمال في دار الدنيا ، لا لشيء آخر.
وضمناً يتّضح أنّ المراد من «نسيان الله» هو عدم رعايته ونصرته لهم.
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢٠)
جوائز عظيمة لم يطّلع عليها أحد : إنّ طريقة القرآن هي أنّه يبيّن كثيراً من الحقائق من خلال مقارنتها مع بعضها ، لتكون مفهومة ومستقرّة في القلب تماماً ، وهنا أيضاً بعد الشرح والتفصيل الذي مرّ في الآيات السابقة حول المجرمين والكافرين ، فإنّه يتطرق إلى صفات المؤمنين الحقيقيين البارزة ، ويبيّن اصولهم العقائدية ، وبرامجهم العملية بصورة مضغوطة ضمن آيتين بذكر ثمان صفات ، فيقول أوّلاً : (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بَايَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكّرُوا بِهَا خَرُّوا