في حركته فتقطع في شهر واحد ما تقطعه في سنة واحدة. وبذا يختلّ النظام السنوي لها.
يتّضح ممّا قلنا أنّ المقصود من حركة الشمس في هذا البحث ، هي الحركة بحسب حِسّنا بها.
(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ) (٤٤)
حركة السفن في البحار آية إلهية : تحدّثت الآيات السابقة عن دلالة قدرة الباريء عزوجل في خلق الشمس والقمر والليل والنهار وكذلك الأرض وبركاتها ، وفي هذه الآيات التي أمامنا يتحدث الباريء عزوجل عن البحار وقسم من بركات ونعم ومواهب البحار ، يعني حركة السفن التجارية والسياحية على سطحها. لذا فإنّ الآيات الكريمة تقول أوّلاً : (وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ).
فإنّ حركة السفن والبواخر التي هي من أهم وأضخم وسائل الحمل والنقل البشري ، وما يمكنها إنجازه يعادل آلاف الأضعاف لما تستطيعه المركّبات الاخرى ، كل ذلك ناجم عن خصائص الماء ووزن الأجسام التي تصنع منها السفن ، والطاقة التي تحرّكها ، سواء كانت الريح أو البخار أو الطاقة النووية. وكل هذه القوى والطاقات التي سخّرها الله للإنسان ، كل واحدة منها وكلها معاً آية من آيات الله سبحانه وتعالى.
ولكي لا يتوهم أنّ المركب الذي أعطاه الله للإنسان هو السفينة فقط ، تضيف الآية التالية قائلة : (وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ).
المراكب التي تسير على الأرض ، أو في الهواء وتحمل البشر وأثقالهم.
الآية التالية ـ لأجل توضيح هذه النعمة العظيمة ـ تتعرّض لذكر الحالة الناشئة من تغيير هذه النعمة فتقول : (وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ).
فنصدّر أمرنا لموجة عظيمة فتقلب سفنهم ، أو يتقاذفهم الطوفان بموجة في كل إتّجاه بأمرنا ، ولكننا نحفظ هذا النظام الموجود ليستفيدوا منه. وإذا وقعت بين الحين والحين حوادث من هذا القبيل فإنّ ذلك لينتبهوا إلى أهميّة هذه النعمة الغامرة.
وأخيراً تضيف الآية لتكمل الحديث فتقول : (إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ).
نعم فهم لا يستطيعون النجاة بأية وسيلة إلّابرحمتنا ولطفنا بهم.