ويعرض القرآن وثيقة اخرى لإدانة اليهود ولكشف زيف إدعائهم فيقول : (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُّوسَى بِالبَيّنَاتِ
ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ).
ما هذا
الانحراف نحو عبادة العجل بعد أن جاءتكم البينات إن كنتم في إيمانكم صادقين!
في الآية
الثالثة يطرح القرآن وثيقة إدانة اخرى ، فيشير إلى مسألة ميثاق جبل الطور ويقول : (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ
وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَاءَاتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا
قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا).
وما كان
عصيانهم إلّاعن انغماس في حب الدنيا الذي تمثل في حب عجل السامري الذهبي : (وَأُشْرِبُوا فِى قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ
بِكُفْرِهمْ) ولذا نسوا الله عزوجل؟ كيف يجتمع الإيمان بالله مع قتل انبيائه وعبادة العجل
ونقض العهود والمواثيق الإلهيّة المؤكدة؟ أجل (قُلْ بِئْسَمَا
يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
(قُلْ إِنْ كَانَتْ
لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ
فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ
يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ
بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ
أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ
لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ
يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) (٩٦)
فئة
مغرورة : يبدو من تاريخ
اليهود ـ مضافاً لما أخبر القرآن عنه ـ أنّ هؤلاء القوم كانوا يعتبرون أنفسهم فئة
متميزة في العنصر ، ومتفوقة على سائر الأجناس البشرية ، وكانوا يعتقدون أنّ الجنة
خلقت لهم لا لسواهم ، وأنّ نار جهنم لن تمسّهم ، وأنّهم أبناء الله وخاصته ،
وأنّهم يحملون جميع الفضائل والمحاسن.
والقرآن الكريم
يجيب هؤلاء القوم جواباً دامغاً إذ يقول : (قُلْ إِن كَانَتْ
لَكُمُ الدَّارُ الْأَخِرَةُ عِندَ اللهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ
فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُم صَادِقِينَ).
لقد كان اليهود
يهدفون من كلامهم هذا وأنّ الجنة خالصة لنا دون سائر الناس : أو أنّ النار لا
تمسّنا إلّاأيّاماً معدودات ـ إلى توهين إيمان المسلمين وتخدير عقائدهم.
في الآية
التالية تأكيد على ما سبق بشأن ابتعاد القوم عن الموت : (وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا