(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣٥)
حقيقة التوسل إلى الله : توجه هذه الآية الخطاب إلى الأفراد المؤمنين ، تتضمّن تكاليف ثلاثة يؤدّي الالتزام بها وتطبيقها إلى نيل الفلاح ، وهذه التكاليف هي :
١ ـ إتّباع الحيطة والتقوى ، كما تقول الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ).
٢ ـ إختيار وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى ، حيث تقول الآية : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ).
٣ ـ الجهاد في سبيل الله ، إذ تقول الآية : (وَجَاهِدُوا فِى سَبِيلِهِ).
وستكون نتيجة الإلتزام بهذه التكاليف الإلهية وتطبيقها نيل الفلاح ، بشرط تحقق الإسلام والإيمان فتقول الآية الكريمة في هذا المجال : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
«الوسيلة» : في الأصل بمعنى نشدان التقرب وعلى هذا الأساس فإنّ كلمة «الوسيلة» الواردة في هذه الآية لها معان كثيرة واسعة ، فهي تشمل كل عمل أو شيء يؤدّي إلى التقرب إلى الله سبحانه وتعالى ، وأهم الوسائل في هذا المجال ، كما يقول الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في خطبة (١١٠) في نهج البلاغة منها : «إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى الله سبحانه وتعالى ، الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإنّه ذِروة الإسلام وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة ، وإقام الصلاة فإنّها الملّة (١) وإيتاء الزكاة فإنّها فريضة واجبة وصوم شهر رمضان فإنّه جنّة من العقاب وحجّ البيت واعتماره فإنّهما ينفيان الفقر ويرحضان (٢) الذنب وصلة الرحم فإنّها مثراة (٣) في المال ومنسأة (٤) في الأجل وصدقة السّرّ فإنّها تُكفّر الخطيئة وصدقة العلانية فإنّها تدفع ميتة السّوء وصنائع المعروف فإنّها تقي مصارع الهوان».
كما أنّ شفاعة الأنبياء والأئمة والأولياء الصالحين تقرّب ـ أيضاً ـ إلى الله وفق ما نص عليه القرآن الكريم ، وهي داخلة في المفهوم الواسع لكلمة «الوسيلة».
__________________
(١) الملّة : شريعة الإسلام.
(٢) يرحضان : يطهران أو يغسلان.
(٣) مثراة : مكثرة.
(٤) منساة : مطيلة.