(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧) هذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (١٣٨)
النظر في تاريخ الماضين وآثارهم : يعتبر القرآن الكريم ربط الماضي بالحاضر والحاضر بالماضي أمراً ضرورياً لفهم الحقائق ، لأنّ الإرتباط بين هذين الزمانين (الماضي والحاضر) يكشف عن مسؤولية الأجيال القادمة ، ويوقفها على واجبها ، ولهذا قال سبحانه : (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ).
وهذا يعني أنّ لله في الامم سنناً لا تختص بهم ، بل هي قوانين وسنن عامة في الحياة تجري على الحاضرين كما جرت على الماضين سواء بسواء ، وهي سنن للتقدم والبقاء وسنن للتدهور والإندحار ، التقدم للمؤمنين المجاهدين المتحدين الواعين ، والتدهور والإندحار للُامم المتفرقة المتشتتة الكافرة الغارقة في الذنوب والآثام.
ولهذا نجد القرآن الكريم يدعو المسلمين إلى السير في الأرض والنظر بإمعان وتدبر في آثار الامم والشعوب التي سادت ثم بادت إذ يقول : (فَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذّبِينَ).
ولما كان التعليم الإلهي العظيم ـ رغم كونه موجهاً إلى عامة المخاطبين ـ لا ينتفع به ولا يستلهمه إلّاالمتقون قال سبحانه تعقيباً على الآية السابقة : (هذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ).
أجل ، إنّ المتقين الهادفين هم الذين يتعظون بهذه الامور لأنّهم يبحثون عن كل ما يعمق روح التقوى في نفوسهم ، ويزيد بصيرتهم بالحق.
(وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (١٤١) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (١٤٣)