دخول المسجد ، مضافاً إلى أن قواها البدنية ضعيفة ، وكذلك المسائل المربوطة بالحجاب والحمل وغير ذلك : (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى).
(وَإِنّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ).
يتّضح من هذه الجملة أنّ ام مريم هي التي سمّتها بهذا الإسم عند ولادتها و «مريم» بلغتها تعني «العابدة» وفي هذا يظهر منتهى إشتياق هذه الام الطاهرة لوقف وليدها على خدمة الله لذلك طلبت من الله ـ بعد أن سمّتها ـ أن يحفظها ونسلها من وسوسة الشياطين وأن يرعاهم بحمايته ولطفه : (وَإِنّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطنِ الرَّجِيمِ).
(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (٣٧)
تواصل هذه الآية سرد حكاية مريم. لقد أشرنا من قبل أنّ ام مريم لم تكن تصدّق إمكان قبول الانثى خادمة في بيت الله ، لذلك كانت تتمنّى أن تلد مولوداً ذكراً ، إذ لم يسبق أن اختيرت انثى لهذا العمل. ولكن الآية تقول إنّ الله قد قبل قيام هذه الانثى الطاهرة بهذه الخدمة الروحية والمعنوية ، لأوّل مرّة.
وكلمة «أنبتها» إشارة إلى تكامل مريم أخلاقياً وروحياً ، كما أنّه يتضمن نكتة لطيفة هي أنّ عمل الله هو «الإنبات» والإنماء. أي كما أنّ بذور النباتات تنطوي على استعدادات كامنة تظهر وتنمو عندما يتعهّدها المزارع ، كذلك توجد في الإنسان كل أنواع الاستعدادات السامية الإنسانية التي تنمو وتتكامل بسرعة إن خضعت لمنهج المربّين الإلهيين ولمزارعي بستان الإنسانية الكبير ، ويتحقق الإنبات بمعناه الحقيقي.
(وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا). في هذه الآية يقول القرآن : إختار الله زكريا كي يتكفل مريم ، إذ إنّ أباها عمران قد ودّع الحياة قبل ولادتها ، فجاءت بها امها إلى بيت المقدس وقدّمتها لعلماء اليهود وقالت : هذه البنت هدية لبيت المقدس ، فليتعهّدها أحدكم ، فكثر الكلام بين علماء اليهود ، وكان كل منهم يريد أن يحظى بهذا الفخر ، وفي احتفال خاص ـ سيأتي شرحه في تفسير الآية (٤٤) من هذه السورة ـ اختير زكريا ليكفلها.
وكلّما شبّت وتقدّم بها العمر ظهرت آثار العظمة والجلال عليها أكثر إلى حدّ يقول القرآن