٤
ـ الجهاد من أجل دحر الشرك وعبادة الأوثان : الإسلام يدعوا البشرية إلى اعتناق الدين الخاتم الأكمل
وهو يحترم مع ذلك حرية العقيدة ، وبذلك يُعطي أهل الكتاب الفرصة الكافية للتفكير
في أمر إعتناق الرسالة الخاتمة ، فإن لم يقبلوا بذلك فإنّه يعاملهم معاملة الأقلية
المعاهدة (أهل الذمة) ويتعايش معهم تعايشاً سلميّاً ضمن شروط خاصة بسيطة وميسورة ،
لكن الشرك والوثنية ليسا بدين ولا عقيدة ولا يستحقان الإحترام ، بل هما نوع من
الخرافة والحمق والانحراف ونوع من المرض الفكري والأخلاقي الذي ينبغي أن يستأصل
مهما كلّف الثمن.
ومما تقدم من
ذكر أهداف الجهاد يتضح أنّ الإسلام أقام الجهاد على اسس منطقية وعقلية ، ولكننا
نعلم أنّ أعداء الإسلام وخاصة القائمون على الكنيسة والمستشرقين المغرضين سعوا
كثيراً لتحريف الحقائق ضد مسألة الجهاد الإسلامي ، واتّهموا الإسلام باستعمال
الشدة والقوة والسيف من أجل تحميل الإيمان به وتهجمّوا كثيراً على هذا القانون
الإسلامي.
والظاهر أنّ
خوفهم وهلعهم إنّما هو من تقدم الإسلام المضطرد في العالم بسبب معارفه السّامية
وبرنامجه السليم ، ولهذا سعوا لإعطاء الإسلام صبغة موحشة كيما يتمكنوا من الوقوف
أمام انتشار الإسلام.
(الشَّهْرُ الْحَرَامُ
بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ
فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (١٩٤)
احترام
الأشهر الحُرم والمقابلة بالمثل : كان المشركون على علم بأنّ الإسلام يحضر الحرب في الأشهر
الحرم (ذي القعدة وذي الحجة ومحرم ورجب) لذلك أرادوا أن يشنّوا هجوماً مباغتاً على
المسلمين في هذه الأشهر الحُرم متجاهلين حرمتها ظانين أنّ المسلمين ممنوعون من
المواجهة. الآية الكريمة تكشف مؤامرة المشركين وتحمّل المسلمين مسؤولية مواجهة
العدوان حتى في الأشهر الحُرم فتقول الآية : (الشَّهْرُ الْحَرَامُ
بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ). أي : أنّ الأعداء لو كسروا حرمة واحترام هذه الأشهر
الحُرم وقاتلوكم فيها فلكم الحق أيضاً في المقابلة بالمثل ، لأنّ (وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ).