فالآية سبق أن
ذكرت الإنفاق المستحب ، وهنا تذكر الإنفاق الواجب. بعض الناس يكثر من المستحبات في
الإنفاق ويتساهل في الواجب ، وبعضهم يلتزم بالواجب فقط ولا ينفق درهماً في إيثار.
والمحسنون الحقيقيون هم الذين ينفقون في المجالين معاً.
الخامس من الاصول
: الوفاء بالعهد : (وَالْمُوفُونَ
بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا) ، فالثقة المتبادلة رأس مال الحياة الاجتماعية ، وترك
الوفاء بالعهد من الذنوب التي تزلزل الثقة وتوهن عرى العلاقات الاجتماعية.
في الكافي عن
الإمام الصادق عليهالسلام قال : «ثلاث لم يجعل الله عزوجل لأحد فيهنّ رخصة : أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر
والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر وبرّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين».
الأساس السادس
والأخير من اسس البرّ في نظر الإسلام : الصبر (وَالصَّابِرِينَ فِى
الْبَأْسَاءِ) حال الفقر والمسكنة وَالضَّرَّاءِ حال المرض وَحِينَ
الْبَأْسِ حال القتال مع الأعداء» .
ثم تؤكد الآية
على أهمية الاسس الستة وعلى عظمة من يتحلّى بها ، فتقول : (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ
هُمُ الْمُتَّقُونَ).
صدقهم يتجلى في
انطباق أعمالهم وسلوكهم مع إيمانهم ومعتقداتهم ، وتتجلى تقواهم في إلتزامهم
بواجبهم تجاه الله وتجاه المحتاجين والمحرومين وكل المجتمع الإنساني.
والملفت للنظر
أنّ الصفات الست المذكورة تشمل الاصول الإعتقادية والأخلاقية والمناهج العملية.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي
الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ
وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ
شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ
ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ
بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ)
(٧٩)
سبب النّزول
في تفسير مجمع
البيان : نزلت هذه الآية في حيّين من العرب لأحدهما طَوْل على الآخر وكانوا
يتزوجون نساءهم بغير مهور وأقسموا لنقتلن بالعبد منا الحر منهم ، وبالمرأة منا
__________________