الأنبياء بمنظار رسالي ، ونعتبرهم جميعاً رسل ربّ العالمين ومعلمي البشرية ، قد أدى كل منهم دوره في مرحلة تاريخية معينة ، وكان هدفهم واحداً ، وهو هداية الناس في ظل التوحيد الخالص والحق والعدالة.
ثم يضيف القرآن قائلاً : (فَإِنْءَامَنُوا بِمِثْلِ مَاءَامَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِى شِقَاقٍ).
ولو تخلى هؤلاء عن عنصرية وذاتياتهم ، وآمنوا بجميع أنبياء الله فقد اهتدوا أيضاً ، وإلّا فقد ضلوا سواء السبيل.
ثم تثبت الآية على قلوب المؤمنين وتبعث فيهم الثقة والطمأنينة بالقول : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ) لأقوالهم (الْعَلِيمُ) بمؤامراتهم.
(صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (١٣٨) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤١)
التخلي عن غير صبغة الله : بعد الدعوة التي وجهتها الآيات السابقة لإتباع الأديان بشأن إنتهاج طريق جميع الأنبياء ، أول آية في بحثنا تأمرهم جميعاً بترك كل صبغة ، أي دين ، غير «صِبْغَةَ اللهِ». ثم تضيف الآية : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً). أي : لا أحسن من الله صبغة ، «وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ» في إتباع ملة إبراهيم التي هي صبغة الله.
ذكر المفسرون أنّ النصارى دأبوا على غسل أبنائهم بعد ولادتهم في ماء أصفر اللون ، ويسمونه غسل التعميد ، ويجعلون ذلك تطهيراً للمولود من الذنب الذاتي الموروث من آدم! القرآن يرفض هذا المنطق الخاوي ويقول : من الأفضل أن تتركوا هذه الصبغات الظاهرية الخرافية المفرقة وتصطبغوا بصبغة الله لتطهر روحكم.
كان اليهود وغيرهم يحاجّون المسلمين بصور شتى ، كانوا يقولون : إنّ جميع الأنبياء