صفاته العظيمة وتقول : (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ).
ووصية إبراهيم بنيه في أواخر أيام حياته تجسيد آخر لهذه الحياة الشامخة : (وَوَصَّى بِهَا إِبْرهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ). فكل من إبراهيم ويعقوب وصّيا أبناءهما بالقول : (يَا بَنِىَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
لعل القرآن الكريم ، بنقله وصية إبراهيم ، يريد أن يقول للإنسان إنّه مسؤول عن مستقبل أبنائه ، عليه أن يهتم بمستقبلهم المعنوي قبل أن يهتم بمستقبلهم المادي.
(أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (١٣٤)
سبب النّزول
في تفسير الصافي : إنّ اليهود قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ألست تعلم أنّ يعقوب أوصى بنيه باليهودية يوم مات؟ فنزلت.
التّفسير
كما رأينا في سبب النزول ، وظاهر الآية يدل على ذلك أيضاً ، كان جمع من منكري الإسلام ينسبون ما لا ينبغي نسبته إلى النبي يعقوب ، والقرآن يردّ عليهم بالقول : (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ). هذا الذي نسبوه إليه ليس بصحيح ، بل الذي حدث آنذاك (إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى).
في الجواب : (قَالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَءَابَائِكَ إِبْرهِيمَ وَإِسْمعِيلَ وَإِسْحقَ إِلهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
آخر آية في بحثنا ، تجيب على توهّم آخر من توهمات اليهود ، فكثير من هؤلاء كانوا يستندون إلى مفاخر الآباء والأجداد وقرب منزلة أسلافهم من الله تعالى ، فلا يرون بأساً في انحرافهم هم ظانين أنّهم ناجون بوسيلة اولئك الأسلاف. يقول القرآن : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).