وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [إبراهيم : ٤] أي بعد البيان. (وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٤٢).
قوله : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) : قال الكلبيّ : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا سار إلى بدر وأخبره الله بسير المشركين أراه المشركين في منامه قليلا ، فقال رسول الله : أبشروا فإنّ الله أراني المشركين في منامي قليلا (١) ، فقال المسلمون عند ذلك : رؤيا رسول الله حقّ ، والقوم قليل.
قوله : (وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ) قال الحسن : لجبنتم. (وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) أي : ولاختلفتم في الأمر ، أي أمر الله ورسوله. وقال مجاهد : لفشلت يا محمّد فيفشل بذلك أصحابك. (وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ) : أي من ذلك ، سلّم للمسلمين أمرهم ، وهزم عدوّهم. (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٤٣) : أي بما في الصدور. قال الحسن : من علمه بما في صدوركم قلّلهم في أعينكم ، وأذهب الخوف الذي كان في صدوركم.
قوله : (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) : قال الكلبيّ : إنّ المسلمين لمّا عاينوا المشركين يوم بدر رأوهم قليلا فصدّقوا رؤيا رسول الله. وقلّل الله المسلمين في أعين المشركين ، فاجترأ المؤمنون على المشركين لقلّتهم في أعينهم ، واجترأ المشركون على المؤمنين لقلّتهم في أعينهم. (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) : أي : فيه نصركم والنعمة عليكم. (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٤٤).
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً) : يعني من المشركين (فَاثْبُتُوا) : في صفوفكم (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٤٥) : أي لكي تفلحوا.
قال بعضهم : افترض الله ذكره عند أشغل ما يكون الناس ، عند الضراب بالسيوف.
ذكروا عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تتمنّوا لقاء العدوّ ، واسألوا
__________________
(١) لم أجده بهذا اللفظ ، ولكنّه تفسير واضح للآية ؛ ففي تفسير الطبري ج ١٣ ص ٥٧٠ : «عن مجاهد ... قال : أراهم الله إيّاهم في منامه قليلا ، فأخبر النبيّ صلىاللهعليهوسلم أصحابه بذلك ، فكان تثبيتا لهم».