وفارقتم المشركين ، وأعطيتم من الغنائم الخمس ، وسهم الصفيّ ، وربما قال : وصفيّه ، فأنتم آمنون (١) بأمان الله وأمان رسوله. وسهم الصفيّ ـ فيما بلغنا ـ أنّه إذا جمعت الغنائم كان للنبيّ شيء يصفى به قبل أن تقسم الغنائم ، فرسا كان أو بعيرا أو غير ذلك (٢).
وقال الحسن : كانت إذا جمعت ، للنبيّ أن يأخذ منها ما شاء قبل أن تقسم الغنائم ، وهو الصفيّ الذي أصفاه الله محمّدا عليهالسلام. وإنّ النبيّ عليهالسلام لم يستأثر على المسلمين من ذلك السهم قطّ. وقد جعله الله له يريد بذلك كرامته. فتركه رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمسلمين ، وصار أجره وذخره لرسول الله عند الله. ثمّ يجعل الغنائم على خمسة أخماس ؛ يقوم ويقسم ، ثمّ يقرع عليها ، فيخرج منها خمسا لله.
وبلغنا أنّ عثمان بن عفّان كان يقول لصاحب الجيش إذا بعثه : إذا غنمتم غنيمة فاقسمها على خمسة أخماس. ثمّ خذ خمسة أسهم ، فاكتب على سهم منها : لله. ثمّ ألقها عليها ، فأيّها وقع عليها ذلك السهم فاجعله الخمس.
قال الحسن : فيأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الخمس ما شاء. وليس فيه وقت (٣). ويعطي قرابته من ذلك ما رأى. ويعطي ايتامى والمساكين وابن السبيل على قدر ما يرى من قلّتهم وكثرتهم وفقرهم. وليس ذلك على الأمراء. ثمّ يقسم رسول الله والأئمة بعده تلك الأربعة الأخماس على أهل العسكر ، فيعطي الفرس سهمين وفارسه سهما.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : والذي نفسي بيده ، ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه ، إنّما أنا خازن أضع حيث أمرت (٤).
__________________
(١) في ق : «فانتم مؤمنون بأمان الله» ، والصحيح ما أثبتّه : «آمنون». وسقطت الجملة كلّها من ع ود.
(٢) جاء في كتاب الخراج لأبي يوسف ، ص ٦٦ ما يلي : «قال أبو يوسف : حدّثني أشعث بن سوار عن محمّد بن سيرين قال : كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم من كلّ غنيمة صفيّ يصطفيه ، فكان الصفيّ يوم خيبر صفيّة بنت حييّ».
(٣) أي : شيء محدّد مقدّر.
(٤) رواه البخاريّ في كتاب الجهاد والسير ، باب قول الله تعالى : (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) عن أبي هريرة. وفيه : «أنا قاسم ـ