قوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) (١) (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ ، فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٨) : أي السعداء ، وهم أهل الجنّة. (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ ، فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) : فصاروا إلى النار. (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) (٩) : أي يظلمون أنفسهم. وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم.
وبلغنا أنّ المؤمن توزن حسناته وسيّئاته ، فمنهم من تفضل حسناته على سيّئاته ، وإن لم تفضل إلّا حسنة واحدة يضاعفها الله له فيدخله الجنّة : وهو قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) (٤٠) [النساء : ٤٠] ، ومنهم من تستوي حسناته وسيّئاته ، وهم أصحاب الأعراف ، ومنهم من تفضل سيّئاته على حسناته. قال الله : (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ ، فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤) أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (١٠٥) [المؤمنون : ١٠٣ ـ ١٠٥].
وقوله : (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) (٩) أي : أنفسهم ، وهو ظلم فوق ظلم ، وظلم دون ظلم ؛ فالآية محتملة لظلم الشرك وظلم النفاق (٢).
قوله : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) : قال الحسن : يعني المشركين بعد الماضين ، فجعلناكم خلائف بعدهم. (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (١٠) : أي :
__________________
(١) لم تذكر المخطوطات الأربع تفسيرا لقوله تعالى : (والوزن يومئذ الحقّ). وجاء في ز ، ورقة : ١٠٤ بعد قوله : (والوزن يومئذ الحقّ) ما يلي : «يحيى عن حمّاد عن ثابت البناني عن أبي عثمان النهديّ عن سلمان الفارسيّ قال : يوضع الميزان يوم القيامة ، ولو وضع في كفّته السماوات والأرض لوسعتهما ، فتقول الملائكة : ربّنا ما هذا؟ فيقول : أزن به لمن شئت من خلقي ، فتقول الملائكة : ربّنا ما عبدناك حقّ عبادتك» وفي تفسير مجاهد ، ص ٢٣١ : «عن عبيد بن عمير الليثي في قوله تعالى : (والوزن يومئذ الحقّ) قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب ، فلا يزن عند الله جناح بعوضة». ومثله نصّ حديث أخرجه البخاريّ في كتاب التفسير من آخر سورة الكهف عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة».
(٢) هذه الجملة من زيادات الشيخ هود الهوّاريّ ولا شكّ.