فأنزل الله : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) ، ثمّ زاد في نعتهم ليبينهم الله ممّن سواهم فقال : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ...) إلى آخر الآية.
وقال : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ) : [أي عظّموه] (١) (وَنَصَرُوهُ) : وهو كلام مثنى (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) : وهو القرآن ، فأحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه ، وعملوا بفرائضه ، وانتهوا عن زواجره (أُولئِكَ) : أي : الذين هذه صفتهم ، (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٥٧) : أي : هم السعداء ؛ أولئك الذين جعلت رحمتي لهم ، فأيس منها إبليس وجميع جنوده ، وجميع الكفّار (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (١٣) [الممتحنة : ١٣].
قوله : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) : ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بعثت إلى كلّ أحمر وأسود (٢). وفي تفسير عمرو عن الحسن قال : بعثت إلى الناس كافّة ، ولم يعط هذه المنزلة نبيّ قط ، قال : (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً).
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ) : وهي تقرأ على وجهين : (وكلماته) (وكلمته). وكان الحسن يقرأها : (وكلماته) قال : كلمات الله وحيه الذي أنزل على محمّد عليهالسلام. ومن قرأها : (وكلمته) فهو يعني عيسى روح الله وكلمته. وقال بعضهم : (وكلماته) أي : وآياته. قال : (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥٨) : أي لكي تهتدوا. ولعلّ من الله واجبة.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة : ١١١.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده عن ابن عبّاس مرفوعا بلفظ : «بعثت إلى الناس كافّة الأحمر والأسود». وأخرجه البخاريّ. وأخرجه مسلم في أوّل كتاب المساجد ومواضع الصلاة من حديث جابر بن عبد الله الأنصاريّ (٥٢١) وأوّله : «أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي ؛ كان كلّ نبيّ يبعث إلى قومه خاصّة ، وبعثت إلى كلّ أحمر وأسود».