طريدا شريدا وحيدا مع يهود يثرب وسرّاق الحجّ ، فكان كذلك (١). وأمّا الوليد بن المغيرة فذهب يرتدي فتعلّق بردائه سهم لا يدرى راميه فأصاب إكحله فمات. وأمّا العاص بن وائل فوطئ على شوكة فأوتى في ذلك حتّى تساقط لحمه عضوا عضوا ، فمات وهو كذلك. وأمّا الأسود بن المطّلب وعديّ بن قيس فلا أدري ما أصابها ، وهم المستهزئون ، استهزأوا بكتاب الله وبنيّه (٢).
وقال بعضهم : هم خمسة نفر من قريش اقتسموا القرآن خمسة أجزاء ، كلّ رجل منهم جزءا نقضا على محمّد وردّا عليه.
وفي تفسير الكلبيّ : إنّهم سبعة عشر رجلا قسموا على عقاب (٣) مكّة لمن قدم مكّة من الناس ، يسألونهم عن محمّد ؛ فقالت طائفة : هو كاهن ، إنّما قوله كهانة ، وقالت طائفة : إنّما هو شاعر ، وقالت طائفة : إنّما هو مجنون يهذي من أمّ رأسه ، وقالت طائفة منهم : إنّما هو ساحر فعضهوا القرآن.
قال : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٣).
قوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) : قال الكلبيّ : أظهر ما أمرت به ، وهذا بعدما اكتتم سنتين بمكّة ، ثمّ أمره أن يظهر ما أمره الله به. وقال مجاهد : اجهر بالقرآن في الصلاة.
قوله : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) نسخها القتال. (٩٤)
قوله : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥) : قال بعضهم : هم المقتسمون الخمسة.
__________________
(١) لا والله لم يكن طريدا ولا شريدا ولا وحيدا ، بل كان مكرّما مبجّلا ، عزيزا بين السابقين الأوّلين الذين هاجروا معه ، وفي منعة من الأنصار الذين آووا ونصروا ؛ صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ، ورضي الله عنهم أجمعين.
(٢) اقرأ بتفصيل : «كفاية الله أمر المستهزئين» في سيرة ابن هشام ، ج ١ ص ٤٠٨ ـ ٤١٠.
(٣) جمع عقبة ، وهي الطريق الصاعد في الجبل.