قوله : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) : وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) : أي من آمن وعمل صالحا من آبائهم (وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ). وقال في آية أخرى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الطور : ٢١] أي : إنّ الله يرفع إلى المؤمن ولده في درجته في الجنّة وإن كانوا دونه في العمل لتقرّبهم عينه.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل عن المرأة يكون لها الزوجان في الدنيا. امرأة أيّهما تكون في الجنّة؟ قال : ((امرأة الآخر)) (١).
قال : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) : أي في الدنيا (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٤). ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : إذا أثاب الله أهل الجنّة بالجنّة انطلق بالرجل منهم إلى سرادق من لؤلؤ في خمسين ألف فرسخ ، فيه قبّة حمراء من ياقوتة ، ولها ألف باب ، وله فيها سبعمائة امرأة ، فيتّكئ على أحد شقّيه ، فينظر إليها كذا وكذا سنة ، ثمّ يتّكئ على الشقّ الآخر ، فينظر إليها مثل ذلك. ثمّ يدخل عليه من كلّ باب ألف ملك من ألف باب ، معهم الهديّة من ربّهم ، فيقولون له : السّلام عليك من ربّك ، فيوضع ذلك فيقول : ما أحسن هذا! فيقول الملك للشجر حوله : إن ربّكنّ يأمركنّ أن تقطعن له كلّ ما اشتهى عن مثل هذا. قال : وذلك كلّ جمعة ، وهو المزيد.
قوله : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) : أي : ينقضون الميثاق الذي وثقوه على أنفسهم لله ، إذا أقرّوا بالسمع والطاعة. قال : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) : وقد فسّرناه قبل هذا (٢). (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٢٥) : أي الدار الآخرة. وسوءها النار ، يعني منازلهم في النار.
__________________
ـ كتاب الزكاة ، باب لا صدقة إلّا عن ظهر غنى ، وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة ، باب بيان أنّ اليد العليا خير من اليد السفلى (رقم ١٠٣٣ ـ ١٠٣٤ ـ ١٠٣٥).
(١) أخرجه الطبرانيّ في الكبير عن أبي الدرداء ، ولفظه : أيّما امرأة توفّي عنها زوجها ، فتزوّجت بعده ، فهي لآخر أزواجها.
(٢) انظر ما سلف ، ج ١ في تفسير الآية : ٢٧ من سورة البقرة.