(قالَ) : لهم : (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ) (٣٨) (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ). وكان الرجل من قومه يأخذ بيد ابنه فيذهب به إلى نوح فيقول : يا بنيّ ، لا تطع هذا ، فإنّ أبى قد ذهب بي إليه ، وأنا مثلك ، فقال لي : لا تطع هذا.
وقوله : (مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) يعني عذاب الدنيا ، أي : الغرق.
قال : (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٣٩) : أي دائم في الآخرة. وهي تقرأ على وجهين : (يحلّ) و (يحلّ) ؛ فمن قرأها : (وَيَحِلُّ) أي : يجب. ومن قرأها : (وَيحلُّ) أي : وينزل به.
قوله : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) : والتنّور في تفسير الحسن : الباب الذي يجتمع فيه ماء السفينة ؛ ففار منه الماء ، والسفينة على الأرض (١) [فكان ذلك علامة لإهلاك القوم] (٢).
وقال بعضهم : التنّور عين ماء كانت بالجزيرة يقال لها : التنّور.
وبعضهم يقول : كان التنّور في أقصى داره. وقال بعضهم : كان التنّور أعلى الأرض وأشرفها.
وقال مجاهد : (وَفارَ التَّنُّورُ) حين ينبجس الماء منه. فأوحى الله إليه إذا فار التنّور أن يحمل فيها من كلّ زوجين اثنين ، وهو قوله :
(قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) : أي من كلّ صنف اثنين. والزوج هو الواحد ، والزوجان اثنان. وقال مجاهد : ذكر وأثنى من كلّ صنف. فحمل فيها من جميع ما خلق الله من البهائم والهوامّ والسباع والدوابّ ، دوابّ البرّ والبحر والطير والشجر.
__________________
(١) كذا وردت العبارة في ج ود وفي ز ، ١٤٥ ، وهي صحيحة. وفي ق وع : «ففار منه الماء على الأرض». وقد وردت في التنّور أقوال كثيرة عدّدها ابن الجوزي في زاد المسير ، ج ٤ ص ١٠٥ ، ولم أجد في كتب التفسير التي بين يديّ قول الحسن هذا.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٤٥.