[مريم : ٧١ ـ ٧٢] (١).
ذكروا عن عكرمة قال : ما أحلّت الغنيمة قبلكم ولا حرّمت الخمر على أحد قبلكم. وقال بعضهم : لم تحلّ الغنيمة إلّا لهذه الأمّة ؛ كانت تجمع فتنزل عليها نار من السماء فتأكلها.
قال : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ) : أي فلا تعصوه (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦٩).
قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) : أي إسلاما (يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) : أي يعطيكم في الدنيا خيرا ممّا أخذ منكم (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) : أي كفركم وقتالكم النبيّ. (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧٠) : أي لمن تاب وآمن وعمل صالحا. ذكروا أنّ رسول الله لمّا قدم عليه مال البحرين أمر العبّاس أن يأخذ منه. فجعل العبّاس يحثى في جيوبه ويقول : هذا خير ممّا أخذ منّا ، وأرجو المغفرة مع ذلك (٢). وقال الحسن : إنّ النبيّ أطلق الأسارى فمن شاء منهم رجع إلى مكّة ، ومن شاء منهم أقام معه. ذكروا أنّ الطلقاء أهل مكّة ، والعتقاء أهل الطائف.
قوله : (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ) : قال الحسن : يعني الطلقاء ، بما أقرّوا لك به من الإيمان. (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) : أي من قبل إقرارهم لك بالإيمان. وهي خيانة فوق خيانة ، وخيانة دون خيانة. قال : (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) : حتّى صاروا أسارى في يديك. (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٧١). ذكر بعضهم قال : ذكر لنا أنّ رجلا (٣) كان يكتب لرسول الله ، ثمّ نافق ولحق بالمشركين بمكّة فقال : والله ما كان محمّد يكتب إلّا ما شئت. فلمّا سمع ذلك رجل من الأنصار نذر لئن أمكنه الله منه ليضربنّه بالسيف. فلمّا كان يوم الفتح جاء به رجل من عامّة
__________________
(١) أخرجه مسلم وأحمد والترمذيّ وابن ماجه وغيرهم ؛ أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل أصحاب الشجرة ... عن أمّ مبشّر الأنصاريّة امرأة زيد بن حارثة (رقم ٢٤٩٦). وأخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد ، باب ذكر البعث (رقم ٤٢٨١).
(٢) رواه الطبريّ في تفسيره ، ج ١٤ ص ٧٣ ـ ٧٤ ، عن قتادة مرسلا ، وعن ابن عبّاس.
(٣) قيل : هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح.