بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ الحمد لله المتوحّد بالقدم والازليّة ، الّذي ليس له غاية في دوامه ، ولا له أوليّة في أزليّته ، انشأ صنوف البريّة ، لا من اصول كانت معه بديّة ، جلّ عن اتّخاذ الصاحبة والأولاد ، وتعالى عن مشاركة الانداد ، هو الباقي بغير مدّة ، والمنشئ لا باعوان ، لم يحتج فيما ذرأ إلى محاولة التفكير ، ولا مزاولة مثال ولا تقدير ، احدث الخلق على صنوف من التخطيط والتصوير ، لا برؤية ولا ضمير ، سبق علمه في جميع الأمور ، ونفذت مشيّته في كلّ ما يكون في الازمنة والدهور ، تفرد بصنعة الأشياء فاتقنها بلطائف التدبير ، فسبحانه من لطيف خبير ، ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير ، لا تدركه الابصار ولا يلحقه غاية ولا مقدار ، لا يعزب عنه خافية من السرائر ، ممّا تنطوى عليه القلوب وتجنّه الضمائر ، ليس له في خليقته ممايل (١). [a ١ F]
٢ ـ [أمّا بعد ، فان فرق الامة كلّها المتشيعة وغيرها اختلفت في الإمامة في كلّ عصر ووقت كلّ إمام بعد وفاته وفي عصر حياته منذ قبض الله محمّدا صلىاللهعليهوآله ، وقد ذكرنا في كتابنا هذا ما يتناهى إلينا من فرقها وآرائها واختلافها وما حفظنا ممّا روى لنا من العلل الّتي من أجلها تفرقوا واختلفوا وما عرفنا في ذلك من تاريخ الاوقات وبالله التوفيق ومنه العون.
قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله في شهر ربيع الاول سنة عشر من الهجرة وهو ابن ثلاث
__________________
(١) هذه خطبة كتاب «المقالات والفرق واسماؤها وصنوفها والقابها» تصنيف سعد بن عبد الله ابى خلف الاشعرى ، اعنى كتابنا هذا ، ولكن النسخة ناقصة من هذا الموضع وقد سقطت منها بعض الاوراق. فان ما ادرجناه فى هذا الكتاب بعد هذا الموضع إلى آخر العدد «٣٤» هو مما نقلناه عن كتاب «فرق الشيعة» للنوبختى طبع النجف (المصحح).