وأما [ما] (١) فى سورة يونس فالآيات التى تقدمت عطف بعضها على بعض بالفاء وهو قوله : (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٢). ثم قال : (فَمَنْ أَظْلَمُ) بالفاء. وختم الآية بقوله : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) (٣) أيضا موافقة لما قبلها وهو قوله : (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (٤) فوصفهم بأنهم مجرمون ، وقال بعده : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (٥).
فختم الآية بقوله (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) ليعلم أن سبيل هؤلاء سبيل من تقدمهم.
* قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) (٦) وفي يونس (مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (٧) ؛ لأن ما في هذه السورة نزل في أبى سفيان ، والنّضر بن الحارث (٨) ، وعتبة ، وشيبة (٩) ، وأمية وأبىّ ابني خلف (١٠) فلم يكثروا كثرة [من] (١١) فى يونس لأن ال مراد بهم (١٢) جميع الكفار. فحمل هاهنا مرة على لفظ (من) فوحّد لقلتهم ، ومرة على المعنى فجمع ؛ لأنهم وإن قلّوا جماعة (١٣). وجمع ما في يونس ليوافق اللفظ المعنى.
وأما قوله في يونس : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) فسيأتى في موضعه إن شاء الله.
* قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) (١٤) ثم أعاد فقال : (وَلَوْ تَرى إِذْ
__________________
(١) زيادة في «ح» : ١٨ / ب.
(٢) سورة يونس : من الآية ١٦.
(٣) كذا في «ح» ، وفي الأصلية اقتصر على [المجرمون] فقط.
(٤) سورة يونس (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) الآية : ١٣.
(٥) سورة يونس الآية : ١٤.
(٦) سورة الأنعام (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) الآية : ٢٥.
(٧) سورة يونس (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ) الآية : ٤٢.
(٨) النضر بن الحارث بن كلدة العبدرى كانت قريش تصدره لمعارضة القرآن العظيم بما تعلّمه من القصص إذ كان صاحب رحلة وله صلات مع الفرس والمناذرة وأهل الكتاب ، واستمر على كفره حتى قتل يوم بدر.
(٩) عتبة وشيبة ابنا ربيعة من بنى عبد شمس من زعماء قريش وقتلا كافرين يوم بدر.
(١٠) أمية وأبى ابنا خلف بن وهب من بنى جمح : قتلا على شركهما. الأول يوم بدر والثانى يوم أحد.
(١١) زيادة في «ح» ١٨ / ب.
(١٢) يعنى في سورة يونس.
(١٣) لأنه ما زاد على الاثنين كان جمعا.
(١٤) سورة الأنعام (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الآية : ٢٧.