هذه السورة. وفي بعضها بالواو (١) نحو : (أَوَلَمْ يَرَوْا) أو بالفاء (٢) نحو : (أَفَلَمْ).
هذه الكلمة تأتى في القرآن على وجهين (٣) : (أحدهما) : متصل بما كان الاعتبار فيه بالمشاهدة فذكره بالألف والواو ليدل الألف على الاستفهام والواو على عطف جملة [على جملة] (٤) قبلها ؛ وكذا الفاء لكنها أشد اتصالا بما قبلها.
(والثانى) : متصل بما الاعتبار فيه بالاستدلال فاقتصر على الألف دون الواو والفاء ليجرى مجرى الاستئناف. ولا ينقض هذا الأصل قوله : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ) (٥) فى النحل لاتصالها بقوله : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) (٦) ، وسبيلها الاعتبار بالاستدلال فبنى عليه (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ).
* قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) (٧) فى هذه السورة فحسب. وفي غيرها (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا) (٨) ؛ لأن ثم للتراخى والفاء للتعقيب ، وفي هذه
__________________
(١) ذكرت (أَوَلَمْ يَرَوْا) بالواو في ١٢ آية في القرآن العظيم : الرعد : ٤١ ، النحل : ٤٨ ، الإسراء : ٩٩ ، الشعراء : ٧ ، العنكبوت : ١٩ ، ٦٧ ، الروم : ٣٧ ، السجدة : ٢٧ ، يس : ٧١ ، فصلت : ١٥ ، الأحقاف : ٣٣ ، الملك : ٢٠.
(٢) لم يذكر قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَرَوْا) إلا في آية واحدة في سورة سبأ (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) من الآية : ٩.
(٣) سيأتى مزيد بيان عن الوجوه التى تقتضى (أَوَلَمْ) والتى تقتضى (أَفَلَمْ).
(٤) ز. فى البصائر ص : ١٩٠.
(٥) سورة النحل (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الآية : ٧٩.
(٦) نفس السورة السابقة الآية التى قبل الآية التى ذكرت في الحاشية السابقة (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الآية : ٧٨.
(٧) سورة الأنعام (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) الآية : ١١.
قال الكرمانى في لباب التفاسير ١٠٧ / ب [السير استمرار الانتقال لطلب الأبعاد. والنظر طلب الإدراك للشيء من جهة البصر أو الفكر : أى قل يا محمد لهؤلاء المأمورين بالسير في الأرض ، وقالوا لمن ملك ما في السموات والأرض؟ قل لهم : ملكها لله الحى القيوم. ولذا قال بعدها : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)] الآية : ١٢.
(٨) ذكر قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) فى أربعة مواضع ، وهى في سور : الأنعام : ١١ ، النمل : ٦٩ ، الروم : ٤٢ ، العنكبوت : ٢٠.
وفي كل موضع ما عدا الأنعام بعدها : (فَانْظُروا) ، وفي الأنعام : (ثُمَّ انْظُرُوا). وقوله تعالى : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا) جاء في موضعين في سورة آل عمران : ١٣٧ ، النحل : ٣٧. ولم يقع فى أول الآية بل في وسطها متصلا بآخرها.