(يا مُوسى إِنَّا) (١). ولم يكن ما في إبراهيم بهذه المنزلة فاقتصر على حرف الخطاب.
* قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) كرره ثلاث مرات وختم الأولى بقوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٢) ، والثانية بقوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢) ، والثالثة بقوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤).
قيل : لأن الأولى نزلت في حكام المسلمين والثانية في اليهود والثالثة في النصارى.
وقيل : الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى الكفر. عبّر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار.
وقيل : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) : إنكارا له فهو كافر ، ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاده الحق وحكم بضده فهو ظالم ، ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق.
وقيل : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) فهو كافر بنعمة الله ظالم في حكمه فاسق في فعله (٥).
* قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (٦) (لَقَدْ كَفَرَ
__________________
(١) سورة المائدة (قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) الآية : ٢٤.
(٢ ، ٣) سورة المائدة (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ. وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الآيتان : ٤٤ ، ٤٥.
(٤) سورة المائدة (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) الآية : ٤٧.
(٥) قال الإمام الكرمانى في لباب التفاسير ٩٧ / أ :
[وأكثر المفسرون القول في هذه الآيات ... واختلاف ألفاظها : فذهب بعضهم إلى أن الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى الكفر. عبّر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار ، وقيل : [الكافرون] نزلت في حكام المسلمين و [الظالمون] فى اليهود ، و [الفاسقون] فى النصارى ، وقيل : من لم يحكم إنكارا له فهو كافر ، ومن لم يحكم بالحق واعتقد الحق وحكم بضده فهو ظالم ، ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فأولئك هم الفاسقون]. إلى آخر ما ذكره في البرهان هنا. ثم قال :
[وقيل : المراد بالكفر هاهنا ساعة حكمه بخلاف ما أنزل الله وليس المراد به الشرك. وقيل : الفاسقون هم الذين خرجوا عن دينهم. فالكافرون هم الذين لم يدخلوا في الإسلام. والظالمون هم الذين دخلوا فيه ثم خلطوه بالشرك ، والفاسقون هم الذين دخلوا فيه ثم خرجوا منه ، وهذا تعريف آخر للفاسقين] ا. ه.
(٦) سورة المائدة الآية : ٧٢.