بَعْدِ مَواضِعِهِ) (١) ؛ لأن الأولى في أوائل اليهود والثانية فيمن كانوا في زمن النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : أى حرفوها بعد أن وضعها الله مواضعها ، وعرفوها وعملوا بها زمانا (٣).
* قوله تعالى : (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) : كرر (٤) لأن الأولى في حق اليهود والثانية في حق النصارى. والمعنى لم ينالوا منه نصيبا. وقيل معناه : تركوا بعض ما أمروا به.
* قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ) (٥) ، ثم كرر فقال : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ) الآية (٦) ؛ لأن الأولى نزلت في اليهود والنصارى حين كتموا صفة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وآية الرجم من التوراة وبشارة عيسى بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في الإنجيل : وهو قوله : (يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ) [ثم قال بعده] (٧) : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (٨) فكرر (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ) أى شرائعكم فإنكم على ضلال لا يرضاه الله (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) على
__________________
(١) سورة المائدة : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) من الآية : ٤١.
(٢) كذا في البصائر : ١٨٢ ، وفي الأصلية : [عليهالسلام].
(٣) أمام هذا الموضع في الحاشية تعليق من الناسخ نقله من تفسير الزمخشرى ونصه : [وسأل الكشاف (فإن قلت : كيف قيل هاهنا : (عَنْ مَواضِعِهِ) وفي المائدة (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ)؟. قلت : أما عن مواضعه فعلى ما فسّرنا من إزالته عن مواضعه التى أوجبت حكمة الله وضعه فيها ، بما اقتضت شهواتهم من إبدال غيره مكانه. وأما (بَعْدِ مَواضِعِهِ) فالمعنى أنه كانت له مواضع هو قمن بأن يكون فيها فحين حرّفوه تركوه كالغريب الذى لا موضع له بعد مواضعه ومقارّه). والمعنيان متقاربان]. ا. ه.
(٤) تكرر في آيتين متتاليتين في سورة المائدة. فى الآية الأولى منها (وَنَسُوا) بالواو ، وفي الآية التى تليها [بالفاء] قال تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) الآيتان : ١٣ ، ١٤.
(٥) سورة المائدة (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) الآية : ١٥.
(٦) سورة المائدة (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الآية : ١٩.
(٧) تقديم يقتضيه السياق. وفي الأصل تصحيف من الناسخ الذى أثبت لفظ [تكرر] ، وفي بعض النسخ الأخرى : [كرر] وهو غير صحيح إذ لم يتكرر قوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى) فى هذه السورة ولا فى القرآن الكريم كله.
(٨) سورة المائدة من الآية : ١٨.