هذه السورة (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (١) ؛ لأن الله سبحانه ذكر أهل الأرض فى هذه الآية تبعا لأهل السموات ، ولم يفردهم بالذكر لانضمام المخاطبين إليهم ، ودخولهم فى زمرتهم وهم كفار عبدة أوثان وليسوا بمؤمنين ولا من أهل الكتاب لقوله : (وَإِنْ تَكْفُرُوا). وليس هذا قياسا مطردا ، بل علامة وأدلة ، والله أعلم.
* قوله تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) (٢) بواو العطف ، وقال فى آخر السورة (يَسْتَفْتُونَكَ) (٣) بغير الواو لأن :
(الأول) لما اتصل بما بعده وهو قوله : (فِي النِّساءِ) وصله بما قبله بواو العطف والعائد جميعا.
(والثانى) لما انفصل عما بعده اقتصر من الاتصال على العائد وهو ضمير المستفتين ، وفى الآية متصل بقوله : (يُفْتِيكُمْ). وليس بمتصل بقوله : (يَسْتَفْتُونَكَ) لأن ذلك يستدعى (قل الله يفتيكم فيها) [أى] (٤) فى الكلالة (٥). والذى يتصل بيستفتونك محذوف يحتمل أن يكون فى «الكلالة» ويحتمل أن يكون فيما بدا لهم من الوقائع.
[٥] سورة المائدة
* قوله الله تبارك وتعالى : (وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ) (٦) بحذف الياء ، وكذلك (وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا) (٧) ، وفى البقرة وغيرها : (وَاخْشَوْنِي) (٨) بالإثبات ، لأن الإثبات هو
__________________
(١) سورة النساء الآيات : ١٢٦ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٧١.
(٢) سورة النساء (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَ) من الآية : ١٢٧.
(٣) نفس السورة (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) من الآية : ١٧٦.
(٤) زيادة في البصائر ١ / ١٧٧.
(٥) من هلك وليس له والد أو ولد يرثه. وقال سعيد بن جبير : هي الوارث الذى ليس بوالد ولا ولد.
(٦) سورة المائدة من الآية : ٣ (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) قال في إرشاد الرحمن : [(وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) جملة مستأنفة لا معطوفة على أكملت ، وإلا كان مفهوم ذلك أنه لم يرض لهم الإسلام دينا قبل ذلك اليوم وليس كذلك] ا. ه في ص ٢٧٠.
(٧) سورة المائدة (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) الآية : ٤٤.
(٨) (وَاخْشَوْنِي) بإثبات الياء لم يذكر سوى مرة واحدة في القرآن العظيم وذلك في سورة البقرة في الآية : ١٥٠ منها (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).