الربوبية ، من
طريق البرهان ، وعلمها من طريق العيان ، وعلم المعاملة الموصلة إلى الرضا والرضوان
، ومعرفة نبوته صلىاللهعليهوسلم ضرورية لا تحتاج إلى برهان ، ويرحم الله القائل :
لو لم تكن فيه
آيات مبيّنة
|
|
لكان منظره
ينبيك بالخبر.
|
وقد تقدم فى
الأعراف التنويه به ، وذكر شرفه ، وشرف أمته ، قبل ظهوره ، وإليه
الإشارة هنا بقوله : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ
الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) ، أي : إذ نادينا بأمرك ، وأخبرنا بنبوتك ، روى عن أبى
هريرة ؛ أنه نودى يومئذ من السماء : يا أمّة محمّد ، استجبت لكم قبل أن تدعونى ،
وغفرت لكم قبل أن تسألونى ، فحينئذ قال موسى ـ عليهالسلام : اللهم اجعلنى من أمة محمد. ه .
وقال القشيري : أي
: لم تكن حاضرا تتعلم ذلك ؛ مشاهدة ، فليس إلا تعريفنا إياك ، واطلاعنا لك على
ذلك. ويقال : إذ نادينا موسى ، وخاطبناه ، وكلمناه فى بابك وباب أمّتك ، وما طلب
موسى لأمته جعلناه لأمتك ، فكونى لكم : خير لكم من كونكم لكم ، فلم تقدح فيكم
غيبتكم فى الحال ، كما أنشدوا :
كن لى ؛ كما كنت
|
|
لى فى حين لم
أكن. ه.
|
ويقال : لما خاطب
موسى وكلمه ، سأله موسى ، إنه رأى فى التوراة أمة صفتهم كذا وكذا ، من هم؟ فقال :
هم أمة محمد. وذكر لموسى أوصافا كثيرة ، فاشتاق إلى لقائهم ، فقال له : ليس اليوم
وقت حضورهم ، فإن شئت أسمعناك كلامهم ، فأراد ذلك ، فنادى : يا أمة محمد ؛ فأجاب
الكل من أصلاب آبائهم ، فسمع موسى كلامهم ، ثم لم يتركهم كذلك ، بل زادهم من
الفضائل ؛ لأن الغنى ؛ إذا دعا فقيرا فأجابه ؛ لم يرض أن يذكره من غير إحسانه. ه. وقال
الطبري : معنى قوله : (إِذْ نادَيْنا) أي : بقوله : (فَسَأَكْتُبُها
لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ...) الآية. ه. والله تعالى أعلم.
ثم ذكر حكمة
إرساله. فقال :
(وَلَوْ لا أَنْ
تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا
أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
(٤٧) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما
أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا
سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ
مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما
__________________