إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٣ ]

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٣ ]

المؤلف :أحمد بن محمد بن عجيبة

الموضوع :القرآن وعلومه

الصفحات :607

تحمیل

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٣ ]

512/607
*

ثم وصف الشيطان المريد بقوله : (كُتِبَ عَلَيْهِ) أي : قضى على ذلك الشيطان (أَنَّهُ) أي : الأمر والشأن (مَنْ تَوَلَّاهُ) أي : اتخذه وليّا وتبعه ، (فَأَنَّهُ) أي : الشيطان (يُضِلُّهُ) عن سواء السبيل ، (وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) أي : النار. والعياذ بالله.

الإشارة : ومن الناس من تنكبت عنه سابقة الخصوصية ، فجعل يجادل فى طريق الله ، وينكر على المتوجهين إلى الله ، إذا خرقوا عوائد أنفسهم ، وسدّ الباب فى وجوه عباد الله ، فيقول : انقطعت التربية النبوية ، وذلك منه بلا علم تحقيق ولا حجة ولا برهان ، وإنما يتبع فى ذلك كلّ شيطان مريد ، سوّل له ذلك وتبعه فيه. كتب عليه أنه من تولاه ، وتبعه فى ذلك ، فأنه يضله عن طريق الخصوص ، الذين فازوا بمشاهدة المحبوب ، ويهديه إلى عذاب السعير ، وهو غم الحجاب والحصر فى سجن الأكوان ، وفى أسر نفسه وهيكل ذاته ، عائذا بالله من ذلك.

ثم برهن على قيام الساعة ، التي خوّف منها ، ورد من يجادل فيها ، فقال :

(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧))

يقول الحق جل جلاله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) أي : إن شككتم فى أمر البعث ، فمزيل ريبكم أن تنظروا فى بدء خلقكم ، وقد كنتم فى الابتداء ترابا وماء ، وليس سبب إنكاركم البعث إلا هذا ، وهو صيرورة الخلق ترابا وماء ، فكما بدأكم منه يعيدكم منه ، كما قال تعالى : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ) أي : أباكم (مِنْ تُرابٍ ، ثُمَ) خلقناكم (مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) أي : قطعة دم جامدة ، (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) أي : لحمة صغيرة ، بقدر ما يمضغ ، (مُخَلَّقَةٍ) أي : مصورة الخلقة ، (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) أي : لم يتبين خلقها وصورتها بعد.