وقال فى الإحياء : قال يونس بن زيد : بلغنا أنه يولد مع أبناء الإنس من أبناء الجن ، ثم ينشأون معهم. قال ابن عطية : وما أدخله النقّاش ؛ من وطء الجن ، وأنه يحبل المرأة من الإنس ، فضعيف كله. ه. قال فى الحاشية : وضعفه ظاهر ، والآية مشيرة لرده ؛ لأنها إنما أثبتت المشاركة فى الولد ، لا فى الإيلاء ، فإنه لم يرد ، ولو قيل به لكان ذريعة لفساد كبير ، ولكان شبهة يدرأ بها الحد ، ولا قائل بذلك. وانظر الثعالبي الجزائرى ؛ فقد ذكر حكاية فى المشاركة فى الوطء عمن اتفق له ذلك ، فالله أعلم. وأما عكس ذلك ؛ إيلاء الإنسى الجنية ، فأمر لا يحيله العقل ، وقد جاء الخبر به فى أمر بلقيس (١). قاله المحشى الفاسى.
(وَعِدْهُمْ) بأن لا بعث ولا حساب ، أو المواعد الباطلة ؛ كشفاعة الآلهة ، والاتكال على كرامة الآباء ، وتأخير التوبة ، وطول الأمل ، (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) وباطلا. والغرور : تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب. قاله البيضاوي.
الإشارة : ينبغى لك أيها الإنسان أن تكون مضادا للشيطان ، فإذا امتنع من الخضوع لآدم فاخضع أنت لأولاد آدم ؛ بالتواضع واللين ، وإذا كان هو مجتهدا فى إغواء بنى آدم بما يقدر عليه ، فاجتهد أنت فى نصحهم وإرشادهم ، وتعليمهم ووعظهم وتذكيرهم ، بقدر ما يمكنك ، واستعمل السير إليهم بخيلك ورجلك ، حتى تنقذهم من غروره وكيده. وإذا كان هو يدلهم على الشرك الجلى والخفي ، فى أموالهم وأولادهم ، فدلّهم أنت على التوحيد ، والإخلاص ، فى اعتقادهم وأعمالهم وأموالهم. وإذا كان يعدهم بالمواعد الكاذبة ، فعدهم أنت بالمواعد الصادقة ؛ كحسن الظن بالله ، إن صحبه العمل بما يرضيه. فإن فعلت هذا كنت من عباد الله الذين ليس له عليهم سلطان ، كما أشار إليهم بقوله :
(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (٦٥) رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (٦٨) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً (٦٩))
قلت : (أَفَأَمِنْتُمْ) : الهمزة للتوبيخ ، والفاء للعطف على محذوف ، أي : أنجوتم من البحر فأمنتم.
__________________
(١) قصة سيدنا سليمان من أكثر القصص امتلاء بالإسرائيليات ، فعليك بما هو فى القرآن ، وما صح من حديث رسولنا الكريم صلىاللهعليهوسلم.