وقال الأعشى يذكر روضة (١) :
يضاحك الشمس منها كوكب شرق |
|
مؤزّر بعميم النّبت مكتهل |
وقال آخر (٢) :
وضحك المزن بها ثمّ بكى
يريد بضحكه انعقاقه (٣) بالبرق ، وببكائه : المطر.
ويقولون : لقيت من فلان عرق القربة ، أي شدّة ومشقّة. وأصل هذا أن حامل القربة يتعب في نقلها حتى يعرق جبينه ، فاستعير عرقها في موضع الشّدّة.
ويقول الناس : لقيت من فلان عرق الجبين ، أي شدّة.
ومثل هذا في كلام العرب كثير يطول به الكتاب ، وسنذكر ما في كتاب الله تعالى منه.
فمن الاستعارة في كتاب الله قوله عزوجل : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) [القلم : ٤٢] أي عن شدّة من الأمر ، كذلك قال قتادة (٤). وقال ابراهيم (٥) : عن أمر عظيم.
وأصل هذا أنّ الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجدّ فيه ـ شمّر عن ساقه ، فاستعيرت الساق في موضع الشدة.
وقال دريد بن الصّمّة (٦) :
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو في ديوان الأعشى ص ١٠٧ ، ولسان العرب (كوكب) ، (أزر) ، (شرق) ، (كهل) ، (عمم) ، وتهذيب اللغة ١ / ١١٩ ، ٦ / ١٩ ، ٨ / ٣١٦ ، ١٠ / ٤٠٢ ، ومقاييس اللغة ٥ / ١٢٥ ، ١٤٤ ، وأساس البلاغة (ضحك) ، والمخصص ١٠ / ١٩٤ ، وتاج العروس (ككب) ، (أزر) ، (شرق) ، (كهل) ، والبيت بلا نسبة في كتاب العين ٣ / ٣٧٨ ، ٥ / ٤٣٣.
(٢) الرجز لدكين الراجز في أمالي المرتضى ٢ / ٩٤ ، وبلا نسبة في كتاب الصناعتين ص ٢٣٩ ، والحيوان ٣ / ٧٥.
(٣) الانعقاق : الانشقاق.
(٤) قتادة : هو قتادة بن دعامة بن عرنين بن عمرو بن ربيعة السدوسي ، أبو الخطاب البصري التابعي ، ولد سنة ٦٠ ه ، وتوفي سنة ١١٧ ه ، صنّف «تفسير القرآن». (كشف الظنون ٥ / ٨٣٤).
(٥) إبراهيم : هو إبراهيم بن يزيد ، أبو عمران النخعي الكوفي ، توفي سنة ٩٦ ه.
(٦) البيت من الطويل ، وهو في ديوان دريد بن الصمة ص ٦٦ ، ولسان العرب (سوق) ، والمخصص ١٣ / ٦٧ ، ١٦ / ٣٧ ، وتهذيب اللغة ٩ / ٢٣٤ ، ١٠ / ٤٨٨ ، وشرح ديوان الحماية للمرزوقي ص ٨١٨ ، والكامل ص ٤٩٧ ، والأصمعيات ص ١١٣ ، وجمهرة أشعار العرب ص ١١٨ ، وديوان المعاني ١ / ٥٦ ، وكتاب الصناعتين ص ٣٠٥ ، والبيت بلا نسبة في لسان العرب (جلل).