ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) [البقرة : ١٩].
فالصيب : المطر ، والظلمات : ظلمة الليل ، وظلمة السحابة ، والرعد : دليل على شدة ظلمة الصّيّب وهوله.
أراد : أو مثل قوم في ظلمات ليل ومطر. فضرب الظلمات لكفرهم مثلا ، والبرق لتوحيدهم مثلا ، فقال : إذا قالوا : لا إله إلا الله اهتدوا كما يهتدي هؤلاء القوم بالبرق إذا لمع فيمشون.
وجعله يكاد يخطف الأبصار لشدّة ضوئه.
وإذا نافقوا فاستهزؤوا وخلوا بشياطينهم فتابعوهم ـ عموا وصمّوا ، كما يظلم على هؤلاء إذا سكن لمعان البرق فيقومون.
في سورة المزمل
(الْمُزَّمِّلُ) ، المتزمّل ، فأدغمت التاء في الزّاي ، وكذلك (الْمُدَّثِّرُ) هو : المتدثّر بثيابه ، فأدغمت التاء في الدال. وكل من التف بثوبه فقد تزمل به.
(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (٢)) [المزمل : ٢] أي : صلّ الليل إلا شيئا يسيرا منه تنام فيه وهو الثلث ، ثم قال : (نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣)) [المزمل : ٣] أي : قم نصفه ، فاكتفى بالفعل الأول من الثاني لأنه دليل عليه. أو انقص من النصف قليلا إلى الثلث ، أو زد على النصف إلى الثلثين. جعل له سعة في مدّة قيامه بالليل. فلما نزل هذه الآية قام رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، وطائفة من المؤمنين معه ، أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ، وأخذ المسلمون أنفسهم بالقيام على المقادير حتى شقّ ذلك عليهم ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) أي : وتقوم نصفه وثلثه (وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) فيعلم مقدار ثلثيه ونصفه وثلثه ، وسائر أجزائه ومواقيته ، ويعلم أنكم (أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) أي : لن تطيقوا معرفة حقائق ذلك والقيام فيه (فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) [المزمل : ٢٠] رخّص لهم أن يقوموا ما أمكن وخفّ ، لغير مدة معلومة ولا مقدار.
وكان هذا في صدر الإسلام ، ثم نسخ بالصلوات الخمس. كذلك قال المفسرون :
وقوله : (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ) [المزمل : ٦] وهي : آناؤه وساعاته ، مأخوذة من نشأت تنشأ نشئا ، ونشأت أي : ابتدأت وأقبلت شيئا بعد شيء ، وأنشأها الله فنشأت