في سورة الامتحان
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١)) [الممتحنة : ١].
ذكر المفسرون : أنّها أنزلت في حاطب بن أبي بلتعة وكان كتب إلى المشركين بمكة يخبرهم بمسير الرسول ، صلىاللهعليهوسلم إليهم ، لأنّ عياله كانوا بمكة ، ولم يكن له بها عشيرة تمنع منهم ، فأراد أن يتقرب إليهم ليكفوا عن عياله فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) أي تخبرونهم بما يخبر بمثله الرجل أهل مودّته ، وتنصحون لهم (وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِ) ، مع النبي ، صلىاللهعليهوسلم (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) تمّ الكلام ، يعني من مكة (أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ) ، أي أخرجوا الرسول وأخرجوكم ، لأن آمنتم بالله وحده (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي) ، يريد. فلا تلقوا إليهم بالمودة إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي طالبين رضاي.
ثم قال : (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ) [الممتحنة : ١] ، أي كيف تستترون بمودّتكم لهم منّي وأنا أعلم بما تضمرون وما تظهرون؟.
ثم ضرب لهم إبراهيم ، صلىاللهعليهوسلم ، مثلا حين تبرّأ من قومه ونابذهم وباغضهم ، إلى قوله سبحانه : (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا) [الممتحنة : ٤] ، يريد أنّ إبراهيم ، صلىاللهعليهوسلم ، عاداهم وهجرهم في كل شيء إلا في قوله لأبيه : لأستغفرنّ لك.
في سورة الحج
(مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥)) [الحج : ١٥].
كان قوم من المسلمين لشدّة غيظهم وحنقهم على المشركين ، يستبطئون ما وعد الله ورسوله من النصر. وآخرون من المشركين يريدون اتباعه ويخشون ألا يتم له أمره ، فقال تعالى : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ) ، يعني محمدا ، عليهالسلام ، على مذاهب العرب في الإضمار لغير مذكور ، وهو يسمعني أعده النصر والإظهار والتمكين ، وإن كان يستعجل به قبل الوقت الذي قضيت أن يكون ذلك فيه ، (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) أي