وقد يكتنف الشيء معان فيشتقّ لكل معنى منها اسم من اسم ذلك الشيء ، كاشتقاقهم من البطن للخميص : مبطّن وللعظيم البطن إذا كان خلقة : بطين فإذا كان من كثرة الأكل قيل مبطان وللمنهوم : بطن وللعليل البطن : مبطون.
ويقولون : وجدت الضّالة ووجدت في الغضب ، ووجدت في الحزن ، ووجدت في الاستغناء. ثم يجعلون الاسم الضّالة : وجودا ووجدانا وفي الحزن وجدا وفي الغضب موجدة وفي الاستغناء وجدا.
في أشياء كثيرة ، ليس لاستقصاء ذكرها في كتابنا هذا ، وجه.
وللعرب الشّعر الذي أقامه الله تعالى لها مقام الكتاب لغيرها ، وجعله لعلومها مستودعا ، ولآدابها حافظا ، ولأنسابها مقيّدا ، ولأخبارها ديوانا لا يرثّ على الدّهر ، ولا يبيد على مرّ الزّمان.
وحرسه بالوزن ، والقوافي ، وحسن النّظم ، وجودة التخيير ـ من التدليس والتّغيير ، فمن أراد أن يحدث فيه شيئا عسر ذلك عليه ، ولم يخف له كما يخفى في الكلام المنثور.
وقد تجد الشاعر منهم ربما زال عن سننهم شيئا ، فيقولون له : ساندت ، وأقويت ، وأكفأت ، وأوطأت.
وإنما خالف في السّناد بين ردفين ، أو حرفين قبل ردفين ، كقول عمرو بن كلثوم (١) :
ألا هبّي بصحنك فاصبحينا |
|
ولا تبقي خمور الأندرينا |
وقال في بيت آخر (٢) :
كأن متونهنّ متون غدر |
|
تصفّقها الرياح إذا جرينا |
فالحاء من فأصبحينا (ردف) وهي مكسورة ، والراء من جرينا (ردف) وهي مفتوحة.
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو في ديوان عمرو بن كلثوم ص ٦٤ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٧٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٥١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١١٩ ، ولسان العرب (مدر) ، (ندر) ، (صحن).
(٢) البيت من الوافر ، وهو في ديوان عمرو بن كلثوم ص ٨٥ ، وجمهرة أشعار العرب ١ / ٤٠٩ ، وشرح ديوان امرئ القيس ص ٣٣١ ، وشرح القصائد السبع ص ٤١٦ ، وشرح القصائد العشر ص ٣٥٧ ، وشرح المعلقات السبع ص ١٨٤ ، وشرح المعلقات العشر ص ٩٥ ، ولسان العرب (غرا) ، وفيه : «غرينا» بدل «جرينا». والبيت بلا نسبة في تاج العروس (سند) ، (غرا) ، وكتاب العين ٧ / ٢٢٩.