للحلية ، والشّبه والحديد للآلة ، حيث يعلوها مثل زبد الماء.
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) أي : يلقيه الماء عنه فيتعلّق بأصول الشّجر وبجنبات الوادي ، وكذلك خبث الفلزّ يقذفه الكير. فهذا مثل الباطل.
(وَأَمَّا ما) الماء الذي (يَنْفَعُ النَّاسَ) وينبت المرعى (فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) وكذلك الصّفو من الفلزّ يبقى خالصا لا شوب فيه. فهو مثل الحق.
في سورة النور
قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٣٩) أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)) [النور : ٣٥ ، ٤٠].
هذا مثل ضربه الله لقلب المؤمن ، وما أودعه بالإيمان والقرآن من نوره فيه. فبدأ فقال : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، أي بنوره يهتدي من في السموات والأرض.
ثم قال : (مَثَلُ نُورِهِ) ، يعني في قلب المؤمن. كذلك قال المفسّرون. وكان أبيّ يقرأ : الله نور السموات والأرض مثل نور المؤمن ، روى ذلك عبيد الله بن موسى ، عن أبي جعفر الرّازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية.
(كَمِشْكاةٍ) ، وهي : الكوّة غير النافذة.
(فِيها مِصْباحٌ) ، أي سراج (الْمِصْباحُ) في قنديل ، القنديل كأنه من شدة بياضه وتلألئه ، كوكب درّي ، يتوقّد ذلك المصباح بزيت من شجرة (لا شَرْقِيَّةٍ) ، أي لا بارزة للشمس كلّ النهار (وَلا غَرْبِيَّةٍ) لا مستترة في الظلّ كلّ النهار. ولكنها شرقية غربية تصيبها الشمس في بعض النهار ، والظلّ في بعض النهار. وإذا كان كذلك فهو أنضر لها ، وأجود لحملها ، وأكثر لنزلها ، وأصفى لدهنها.