باب تأويل الحروف
التي ادّعى على القرآن بها الاستحالة وفساد النظم
من ذلك (الحروف المقطّعة).
قد اختلف المفسرون في الحروف المقطّعة :
فكان بعضهم يجعلها أسماء للسور ، تعرف كل سورة بما افتتحت به منها.
وكان بعضهم يجعلها أقساما.
وكان (بعضهم) يجعلها حروفا مأخوذة من صفات الله تعالى ، يجتمع بها في المفتتح الواحد صفات كثيرة ، كقول ابن عباس : في (كهيعص (١)) [مريم : ١] : إنّ (الكاف) من كاف ، و (الهاء) من هاد ، و (الياء) من حكيم ، و (العين) من عليم ، و (الصاد) من صادق.
وقال الكلبيّ (١) هو : كتاب كاف ، هاد ، حكيم ، عالم ، صادق.
ولكل مذهب من هذه المذاهب وجه حسن ، ونرجو ألا يكون ما أريد بالحروف خارجا منها ، إن شاء الله.
فإن كانت أسماء للسور ، فهي أعلام تدل على ما تدل عليه الأسماء من أعيان الأشياء وتفرق بينها. فإذا قال القائل : قرأت (المص) أو قرأت (ص) أو (ن) ـ دلّ بذاك على ما قرأ ، كما تقول : لقيت محمدا وكلمت عبد الله ، فهي تدل بالاسمين على
__________________
(١) هناك اثنان يلقبان بالكلبي (أو ابن الكلبي) وهما : محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث ، أبو النصر الكوفي النسابة المعروف بابن الكلبي ، منسوب إلى كلب بن وبرة ، وهي قبيلة كبيرة من قضاعة ، المتوفى بالكوفة سنة ١٤٦ ، له «تفسير القرآن» ، (كشف الظنون ٦ / ٧).
وابنه أبو المنذر هشام بن أبي النصر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو النسابة الكوفي ، المعروف بابن الكلبي المتوفى سنة ٢٠٤ ه ، له العشرات من المصنفات ، منها : «آباء النبي صلىاللهعليهوسلم» ، «أسواق العرب» ، «الديباج في أخبار الشعراء» ، «لغات العرب» ، «النسب الكبير» يحتوي كتاب الأنساب ، «كتاب التاريخ» ، «كتاب المنافرات» وغيرها الكثير (كشف الظنون ٦ / ٥٠٨ ـ ٥٠٩).