وتوعّد معاوية روح بن زنباع فاعتذر روح فقال معاوية خلّيا عنه (١) :
إذا الله سنّى عقد شيء تيسّرا
وقوله : سنّى : أي فتح.
قالوا : وأدنى ما يكون الآمر والنّاهي بين الأعوان اثنان ، فجرى كلامهم على ذلك ، ووكّل الله ، عزوجل ، بكل عبد ملكين ، وأمر في الشهادة بشاهدين.
ومنه أن يخاطب الواحد بلفظ الجميع :
كقوله سبحانه : (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) [المؤمنون : ٩٩] ، وأكثر من يخاطب بهذا الملوك ، لأنّ من مذاهبهم أن يقولوا : نحن فعلنا. بقوله الواحد منهم يعني نفسه ، فخوطبوا بمثل ألفاظهم. يقول الله عزوجل : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف : ٣] ، و (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩)) [القمر : ٤٩].
ومن هذا قوله عزوجل : (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ) [يونس : ٨٣] ، وقوله : (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) [هود : ١٤] ، وقوله : (فَأْتُوا بِآبائِنا) [الدخان : ٣٦].
ومنه أن يتصل الكلام بما قبله حتى يكون كأنه قول واحد وهو قولان :
نحو قوله : (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) ، ثم قال : (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) [النمل : ٣٤] ، وليس هذا من قولها ، وانقطع الكلام عند قوله : (أَذِلَّةً) ، ثم قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ).
وقوله : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) [يوسف : ٥١] ، هذا قول المرأة ، ثم قال يوسف : (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) [يوسف : ٥٢] ، أي ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيب.
وقوله : (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) ، وانقطع الكلام ، ثم قالت الملائكة : (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يس : ٥٢].
__________________
(١) صدر البيت :
فلا تيأسا واستغورا الله إنّه
والبيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في لسان العرب (غور) ، (سنا) ، وتهذيب اللغة ١٣ / ٧٨ ، وأساس البلاغة (سنو) ، (غور) ، وتاج العروس (غور) ، (سنا) ، والمعاني الكبير ١ / ٧٤ ، وأمالي القالي ١ / ٢٣٥ ، وتهذيب الألفاظ ص ٧٧.