باب مخالفة ظاهر اللفظ معناه
من ذلك الدعاء على جهة الذم لا يراد به الوقوع :
كقول الله عزوجل : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠)) [الذاريات : ١٠] ، و (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧)) [عبس : ١٧] ، و (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة : ٣٠] وأشباه ذلك.
ومنه قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، للمرأة : «عقرى حلقى» (١) ، أي عقرها الله ، وأصابها بوجع في حلقها.
وقد يراد بهذا أيضا التعجب من إصابة الرجل في منطقه ، أو في شعره ، أو رميه ، فيقال : قاتله الله ما أحسن ما قال ، وأخزاه الله ما أشعره ، ولله درّه ما أحسن ما احتج به.
ومن هذا قول امرئ القيس في وصف رام أصاب (٢) :
فهو لا تنمي رميّته |
|
ما له لا عدّ من نفره |
يقول : إذا عدّ نفره ـ أي قومه ـ لم يعدّ معهم ، كأنه قال : قاتله الله ، أماته الله.
وكذلك قولهم : هوت أمّه ، وهبلته ، وثكلته.
قال كعب بن سعد الغنوي (٣) :
هوت أمّه ما يبعث الصّبح غاديا |
|
وما ذا يؤدّي اللّيل حين يؤوب |
__________________
(١) أخرجه البخاري في الحج باب ٣٤ ، ١٤٥ ، ١٥١ ، والطلاق باب ٤٣ ، والأدب باب ٩٣ ، ومسلم في الحج حديث ٣٨٧ ، والبر حديث ٨ ، وابن ماجه في المناسك باب ٨٣ ، والدارمي في المناسك باب ٧٣ ، وأحمد في المسند ٦ / ١٢٣ ، ١٧٥ ، ٢٤ ، ٢٥٣ ، ٢٦٦ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٥ / ١٦٣ ، وأبو حنيفة في جامع المسانيد ١ / ٥٠٢ ، والبغوي في شرح السنة ٥ / ١٥ ، وابن حجر في فتح الباري ١٠ / ٥٥٠.
(٢) البيت من المديد ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ١٢٥ ، ولسان العرب (نفر) ، (نمي) ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٥١٨ ، وتاج العروس (نمي) ، وكتاب العين ٨ / ٢٩٣ ، وأساس البلاغة (نمي) ، والمعاني الكبير ٢ / ٧٨٦ ، ٨٣٦ ، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٥ / ٤٨٠.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص ٩٥ ، ولسان العرب (أمم) ، (هوا) ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٦٠٢ ، ٦٤١ ، وجمهرة اللغة ص ٢٢٩ ، وسمط اللآلي ص ٧٧٣ ،