وكذلك قوله : (يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) [البقرة : ٧٩] لأن الرجل قد يكتب بالمجاز ، وغيره الكاتب عنه.
ويقول الأمّي : كتبت إليك ، وهذا كتابي إليك. وكلّ فعل أمرت به فأنت الفاعل له ، وإن وليه غيرك. قال الله عزوجل : في التابوت : (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) [البقرة : ٢٤٨].
قال ابن عباس رضي الله عنه في رواية أبي صالح عنه : هذا كما تقول : حملت إلى بلد كذا وكذا برّا وقمحا ، وإنما تريد أمرت بحمله.
فأعلمنا أنهم يكتبونه بأيديهم ويقولون : هو من عند الله. وقد علموا يقينا ـ إذ كتبوه بأيديهم ـ أنه ليس من عند الله.
وقال تعالى : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣)) [الصافات : ٩٣] لأن في اليمين القوة وشدّة البطش ، فأخبرنا عن شدة ضربه بها.
وقال الشّمّاخ (١) :
إذا ما راية رفعت لمجد |
|
تلقّاها عرابة باليمين |
أي أخذها بقوة ونشاط.
وقوله سبحانه : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) [الأنعام : ٣٨]. كما تقول رأي عيني وسمع أذني نفسي التي بين جنبيّ.
وقوله : (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج : ٤٦]. كما تقول : نفسي التي بين جنبيّ.
وقال : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) [البقرة : ١٩٦].
أراد توكيد ما أوجبه عليه من الصيام بجمع العددين وذكره مجملا ، كما قال الشاعر (٢) :
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للشماخ في ديوانه ص ٣٣٦ ، ولسان العرب (عرب) ، (يمن) ، وتهذيب اللغة ٨ / ٢٢١ ، ١٥ / ٥٢٣ ، وجمهرة اللغة ص ٣١٩ ، ٩٩٤ ، وتاج العروس (عرب) ، ومقاييس اللغة ٦ / ١٥٨ ، والإصابة ٤ / ٢٣٤ ، والشعر والشعراء ١ / ٢٧٨ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥٣ ، ٢ / ٢٢٣ ، وتفسير البحر المحيط ١ / ١٦٠ ، والعمدة ٢ / ١٣١ ، وأمالي القالي ١ / ٢٧٤ ، ونقد الشعر ص ٢٥ ، والبيت بلا نسبة في تفسير الطبري ٢٣ / ٣٢.
(٢) البيت من الوافر ، وهو للفرزدق في ديوانه ص ٨٣٥ ، والموشح ص ١١٤ ، وتفسير البحر المحيط ٢ / ٧٩ ، ومجمع البيان ١ / ٢٩١ ، ولسان العرب (سهم) ، وطبقات الشعراء ص ٣٨.