أراد : جرى إلى السّفه.
وقال الله عزوجل في أول سورة الرحمن : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣)) [الرحمن : ١٣] ، ولم يذكر قبل ذلك إلا الإنسان ، ثم خاطب الجانّ معه لأنّه ذكرهم بعد ، وقال : (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥)) [الرحمن : ١٥].
قال الفراء : ومثله قول المثقّب العبدي (١) :
فما أدري إذا يمّمت أرضا |
|
أريد الخير : أيّهما يليني؟ |
أالخير الّذي أنا أبتغيه؟ |
|
أم الشرّ الّذي هو يبتغيني؟ |
فكنى عن الشر وقرنه في الكتابة بالخير قبل أن يذكره ، ثم أتى به بعد ذلك.
ومن ذلك حذف الصفات.
كقول الله سبحانه : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)) [المطففين : ٣] أي : كالوا لهم أو وزنوا لهم.
وقوله : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) [الأعراف : ١٥٥]. أي اختار منهم.
وقال العجّاج (٢) :
تحت الذي اختار له الله الشّجر
أي اختار له من الشجر :
وكقوله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) [الحج : ٤١] أي : مكنّا لهم. والعرب تقول : عددتك مائة ، أي عددت لك ، وأستغفر الله ذنبي.
قال الشاعر (٣) :
__________________
(١) البيتان من الوافر ، وهما للمثقب العبدي في ديوانه ص ٢١٢ ، ٢١٣ ، وخزانة الأدب ٦ / ٣٧ ، ١١ / ٨٠ ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٢٦٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٨٨ (البيت الثاني فقط) ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٩١ ، ١٩٢ ، والشعر والشعراء ١ / ٤٠٣ ، ولسان العرب (أنم) ، والبيت الثاني للمثقب العبدي أو لسحيم بن وثيل أو لأبي زبيد الطائي في المقاصد النحوية ١ / ١٩٢ ، والبيت الأول بلا نسبة في تخليص الشواهد ١٤٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ٣٧.
(٢) الرجز للعجاج في ديوانه ١ / ٨ ـ ١٠ ، ولسان العرب (ثبت) (شبر) ، وكتاب العين ٨ / ٤٠٢ ، وبلا نسبة في لسان العرب (خير) ، وتاج العروس (خير) ، وتهذيب اللغة ٧ / ٥٤٧.
(٣) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب ص ٥٢٤ ، والأشباه والنظائر ٤ / ١٦ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٨٣ ، وتخليص الشواهد ص ٤٠٥ ، وخزانة الأدب ٣ / ١١١ ، ٩ / ١٢٤ ، والدرر ٥ /