ومن الاختصار : القسم بلا جواب إذا كان في الكلام بعده ما يدلّ على الجواب.
كقوله : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا) [ق : ١ ، ٣] نبعث. ثم قالوا : (ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) [ق : ٣] أي : لا يكون.
وكذا قوله عزوجل : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥)) [النازعات : ١ ، ٥]. ثم قال : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦)) [النازعات : ٦]. ولم يأت الجواب لعلم السامع به ، إذ كان فيما تأخّر من قوله دليل عليه ، كأنّه قال : والنّازعات وكذا وكذا ، لتبعثنّ ، فقالوا : (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١)) [النازعات : ١١] نبعث؟!.
ومن الاختصار قوله : (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ) [الرعد : ١٤] أراد : كباسط كفيه إلى الماء ليقبض عليه فيبلّغه فاه.
قال ضابىء (١) :
فإنّي وإياكم وشوقا إليكم |
|
كقابض ماء لم تسقه أنامله |
و (العرب) تقول لمن تعاطى ما لا يجد منه شيئا : هو كالقابض على الماء.
ومنه : أن تحذف (لا) من الكلام والمعنى إثباتها.
كقوله سبحانه : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] أي لا تزال تذكر يوسف.
وهي تحذف مع اليمين كثيرا.
قال الشاعر (٢) :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لضابىء بن الحارث البرجمي في لسان العرب (وسق) ، ومقاييس اللغة ٦ / ١٠٩ ، وتاج العروس (وسق) ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٩ / ٢٣٦ ، وأساس البلاغة (وسق).
(٢) البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٣٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ١٠ / ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ، والخصائص ٢ / ٢٨٤ ، والدرر ٤ / ٢١٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٢٠ ، وشرح التصريح ١ / ١٨٥ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٤١ ، وشرح المفصل ٧ / ١١٠ ، ٨ / ٣٧ ، ٩ / ١٠٤ والكتاب ٣ / ٥٠٤ ، ولسان العرب (يمن) ، واللمع ص ٢٥٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٣ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٣٢ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٩٣ ، ٩٤ ، وشرح الأشموني ١ / ١١٠ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٣٧ ، والمقتضب ٢ / ٣٦٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٨.