والعيون لا تزجّج ، وإنما أراد : وزجّجن الحواجب ، وكحّلن العيون. وقال الآخر (١) :
ورأيت زوجك في الوغى |
|
متقلّدا سيفا ورمحا |
أي متقلدا سيفا ، وحاملا رمحا.
ومن ذلك : أن يأتي بالكلام مبنيّا على أنّ له جوابا ، فيحذف الجواب اختصارا لعلم المخاطب به.
كقوله سبحانه : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) [الرعد : ٣١] أراد : لكان هذا القرآن ، فحذف.
وكذلك قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠)) [النور : ٢٠] أراد : لعذّبكم فحذف.
قال الشاعر (٢) :
فأقسم لو شيء أتانا رسوله |
|
سواك ، ولكن لم نجد لك مدفعا |
أي لرددناه.
وقال الله عزوجل : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣)) [آل عمران : ١١٣]. فذكر أمّة واحدة ولم يذكر بعدها أخرى. وسواء تأتي للمعادلة بين اثنين فما زاد.
وقال : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً) [الزمر : ٩] ولم يذكر ضدّ هذا ، لأن
__________________
(١) يروى صدر البيت بلفظ :
يا ليت زوجك قد غدا
والبيت من مجزوء الكامل ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٨ ، ٦ / ٢٣٨ ، وأمالي المرتضى ١ / ٥٤ ، والإنصاف ٢ / ٦١٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٣١ ، ٣ / ١٤٢ ، ٩ / ١٤٢ ، والخصائص ٢ / ٤٣١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٨٢ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٠ ، ولسان العرب (رغب) ، (زجج) ، (مسح) ، (قلد) ، (جدع) ، (جمع) ، (هدى) ، والمقتضب ٢ / ٥١ ، ومعاني القرآن للفراء ١ / ١٢١ ، ومجاز القرآن ٢ / ٦٨ ، ومجمع البيان ١ / ١١١ ، وتفسير البحر المحيط ٢ / ٤٦٤ ، ٦ / ٤٨٥ ، وتفسير الطبري ١ / ٤٧ ، والكامل ١ / ٢١٨ ، ٤٠٢.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٤٢٤ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٨٤ ، ٨٥ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٤ / ١٤٤ ، ١٠ / ١١٧ ، وشرح المفصل ٩ / ٧ ، ٩٤ ، وكتاب الصناعتين ص ١٨٢ ، ولسان العرب (وحد).