وقال مزرّد (١) :
ولو أنّ شيخا ذا بنين كأنّما |
|
على رأسه من شامل الشّيب قونس |
تبيّت فيه العنكبوت بناتها |
|
نواشىء حتّى شبن أو هنّ عنّس |
وإنما أراد طول مكث العناكب في رأسه ، فجعلهنّ قد شبن وعنّسن.
وأصل هذا : أنّ المرأة إذا طال مكثها في بيت أبيها لا تزوّج عنّست وشابت ، فاستعار الشيب والتّعنيس مثلا لطول مكث العناكب.
وقال المسيّب بن علس (٢) :
دعا شجر الأرض داعيهم |
|
لينصره السّدر والأثأب |
أراد أنه دعا عليهم الخلق يستنصرهم ، فضرب الشجر مثلا لكثرة الناس والعوام تقول : جاءنا بالشّوك والشجر. إذا جاء في جيش عظيم.
ومنه قوله سبحانه : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) [يوسف : ٣١] أي طعاما ، يقال : اتّكأنا عند فلان ، أي طعمنا.
وقال جميل (٣) :
فظللنا بنعمة واتّكأنا |
|
وشربنا الحلال من قلله |
والأصل : أن من دعوته ليطعم أعددت له التكأة للمقام والطمأنينة فسمّى الطعام متّكئا على الاستعارة.
ومنه قوله تعالى : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) [هود : ٥٦] أي يقهرها ويذلّها بالملك والسّلطان. وأصل هذا : أن من أخذت بناصيته فقد قهرته وأذللته ، ومنه قيل في الدعاء : ناصيتي بيدك. أي أنت مالك لي وقاهر.
ومنه قوله عزوجل : (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) [آل عمران : ٧٥] أي مواظبا بالاقتضاء والمطالبة. وأصله أن المطالب بالشيء يقوم فيه ويتصرّف ، والتارك له يقعد عنه.
__________________
(١) البيتان من الطويل ، وهما لمزرد بن ضرار في كتاب الحيوان ٥ / ٢١٩ ، والمعاني الكبير ص ٦٢٥.
(٢) البيت من المتقارب ، وهو في ديوان المسيب بن علس ص ٦٠٢ ، والعمدة ١ / ٢٨٠.
(٣) البيت من الخفيف ، وهو لجميل بن معمر (جميل بثينة) في ديوانه ص ١٨٩ ، ولسان العرب (قلل) ، وأساس البلاغة (قلل) ، (وكأ) ، والأغاني ٨ / ٩٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٦٦ ، والمعاني الكبير ص ٤٥٧ ، وتاج العروس (قلل) ، وبلا نسبة في الأزمنة والأمكنة للمرزوقي ١ / ٣٠٥.